لا محالة، من السابق لأوانه قراءة المشهد السياسي الحالي في علاقة بالمعركة مع الكيان الصهيوني، ومع ذلك يمكن مبدئيا استخلاص النتائج الأولية التالية:
أولا : بعد أكثر من 70 سنة من عمل الدولة الغاصبة على اللعب على إدماج عرب 48 وعزلهم عن الفعل المقاوم واقتلاع انتمائهم للهوية الفلسطينية والعربية بمختلف الطرق والوسائل لسياسية والإعلامية ، غير أنه كان يكفي أن تحاول هذه الدولة الغاصبة اقتلاع سكان حي الشيخ جراح حتى تتغير المعطيات وتتحوّل الحركة إلى مناهضة شاملة لدولة الأبرتهايد ، ويكون شباب أراضي 48 وقودا لهذه المعركة ...وحتى تكشف الدولة العنصرية عن وجهها الحقيقي بوقوف أجهزتها الأمنية والعسكرية إلى جانب قطعان المستوطنين ، وتتمّ الاعتقلات بالجملة مع إمعان في قمع التحركات وإقامة الحواجز الأمنية ..إلخ مما جعل الرأي العام يستفيق على كل المساحيق التي طاما وضعتها دولة الإحتلال على أساس أنها " واحة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة " وهي لا تعدو أن تكون دولة دينية لا تختلف كثيرا عن دولة الدواعش رغم كل المساحيق …
ثانيا: استجابة قوى المقاومة في غزّة وإمطارها المستوطنات الصهيونية بمئات الصواريخ، أدخل عنصرا جديدا على قواعد الاشتباك. صحيح أن موازين القوى لا زالت لصالح العدو الصهيوني، ولكن المعيات الجديدة لم تعد تسمح بأن تقوم قوات الاحتلال بالضرب والقتل دون دفع الفاتورة من أمن مواطنيها جرحى وأمواتا وحتى من اقتصادها، إذ لأول مرة يتوقف مطار بن غوريون عن النشاط واستقبال الطائرات.. وهذا ما يحيل إلى تجربة المقاومة اللبنانية، حيث اصبح الصهاينة يحسبون خطواتهم ألف مرة قبل أن يتجرؤوا على العدوان …
ثالثا: رغم كل مساعي التطبيع من طرف عدد من الأنظمة العربية والضغط الذي مارسته الإدارة الأمريكية لقبول خطة " صفقة القرن" بما في ذلك اعتبار القدس عاصمة الدولة الصهيونية فإن الشارع العربي لا يزال ينبض بتحرير فلسطين، كامل فلسطين، ولم تتخط مجالات التطبيع أروقة بعض القصور أو في مواقف بعض شواذ المثقفين، دون أي صدى في الشارع وفي الضمير الجمعي لأوسع فئات الشعوب..
رابعا: كل هذه المعطيات الهامة ستكون لها تداعيات هائلة سواء على بنية المجتمع داخل أراضي 48، أو في علاقة بتهاوي كل محاولات التسوية التي تضحي بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهالمستقلة على أرضه وعاصمتها القدس.. صحيح كل نضالات الشعوب تشهد انتكاسات وتعثرات..
ولكـــــن الأكيد أن إرادة الشعوب لا تقهر... وليذهب زوكلبرغ إلى الجحيم..