التحاق العميد بودربالة بالقطب القضائي لـ"الاطلاع" على ملف نبيل القروي ومن ثم ملاحقته من كاميرا نسمة حين صعوده لسيارته للإدلاء بتصريح لها، لم يكن تصرفا مناسبا منه في الأصل والتوقيت:
أولا :الالتحاق بالقطب زمن اعتصام المتهم ونواب حزبه بمكتب التحقيق وتظاهر نواب وبعضهم يحمل مكبرا صوتيا أمام القطب، وعدم تضمن التصريح التلفزي لأي استنكار لهذه الأفعال (بحسب نفس القناة)، يعطي إشارة لعدم الممانعة لها وهي الهادفة من أحزاب الائتلاف الحكومي للضغط على القضاء الذي لا يمكن مواجهة قراراته مهما كانت إلا بالوسائل القانونية المعلومة.
ثانيا : الالتحاق بالقطب للاطلاع على ملف رئيس حزب سياسي متهم في ملف فساد ومسخر له حزب وقناة للدفاع عنه، ورغم كل النقاشات الممكن إثارتها دائما في الملفات القضائية، يعطي إشارة لعدم المساواة في تدخل العميد بما يحمله من سلطة رمزية، فيأتي السؤال مشروعا إن ما كان العميد سيتنقل دائما للمحاكم للاطلاع على ملفات متهمين يدّعون أنهم مظلومين.
ثالثا : التصريح لقناة نسمة بالتعبير عن الأسف لإقحام القضاء في المعارك السياسية قد يفهم اتهاما ضمنيا بخضوع قاضي التحقيق لحسابات سياسية (كما يروج فريق القروي)، فحينما يصدر ذلك عن مريدي القروي فلا حرج عليهم وهم المريدون، ولكن أن يصدر من العميد، فهذا خطير لأنه يفترض توفر قرائن على خضوع قاضي التحقيق للحسابات السياسية حقيقة لا ادعاء.
رابعا : إن تدخل العميد أثار عمليا نقد طرف في القضية (منظمة أنا يقظ بوصفها القائم بالحق الشخصي) وهو ما يمس من الحياد المفترض للعميد تجاه أطراف الملف .
خامسا : عدم إصدار العميد لأي بيان رسمي مقابل بقاء تصريحه المنقول عن قناة نسمة هو الوحيد حتى الآن لموقفه يزيد من المشكل أمام حقيقة توظيف حضوره في القطب ومن ثم تصريحاته في عملية الهرسلة التي يقوم بها فريق المتهم باستعمال قناته التلفزية ومشاركة نواب وقيادات حزبية في مشهد مثالي لكيف يقع الضغط على القضاء.. وعلى الهواء أيضا.
أخيرا وبعد طول انتظار..
أخيرا وبعد طول انتظار.. مجلس القضاء العدلي قرر اليوم إنهاء إلحاق القضاة العدليين الشاغلين لمناصب برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والوزارات والهيئات التي لا يفرض القانون وجوبية وجود قاض عدلي ضمن تركيبتها وإصدار مذكرات تعيين وقتية في شأنهم.
عمليا وبالخصوص، الإنهاء يشمل رئاسة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.. وطبعا مجموعة قضاة القصبة وبعضهم من زمن الشاهد ومنهم من أحيل على التأديب.. خطوة ضرورية طال انتظارها في علاقة بضمانات استقلالية القضاء والفصل بين السلطات!
القائمة الأولية للقضاة المشمولين بإنهاء الإلحاق:
- عماد بن الطالب علي المعين حديثا من رئاسة الحكومة لرئاسة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
- عماد بوخريص رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المعترف به من رئاسة الجمهورية.
- كمال العياري مستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية.
- بلحسن بن عمر مستشار رئيس الحكومة المكلف بمصالح العلاقة مع الهيئات الدستورية (موجود في القصبة من زمن الشاهد).
- يوسف الزواغي المدير العام الحالي للديوانة والمقترح لوزارة العدل في تحوير المشيشي.
- عبد اللطيف الميساوي المقترح لوزارة أملاك الدولة في تحوير المشيشي.
- إلياس الميلادي المستشار في وزارة أملاك الدولة.
الإنهاء لن يشمل بالخصوص رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر روضة العبيدي، ورئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة عدنان الأسود، ونائب رئيس الهايكا عمر الوسلاتي، ونائب رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، باعتبار أن تركيبة هذه الهيئات تستوجب تعيين قضاة عدليين.
يعني للوضوح: أهم ما في قرار إنهاء الإلحاق أنو يشمل بلحسن بن عمر ويوسف الزواغي.. هذا الأصل والباقي تفاصيل.. حماية يوسف الشاهد لا تدوم.. عسى أن تُفتح قريبا الملفات التي تعمل "الشبكة" على ردمها.