الشعبوية المنحطّة والفاشية الرثّة ظواهر سياسية مشوّهة، وخطرها على الديمقراطيّٰة ومؤسساتها وعلى العيش المشترك والسلم الأهلي مباشر.
والفظيع أن يوجد في المشهد السياسي من يعتبرهما "وجهة نظر"، ويبذل قصارى الجهد ليكون من اللواحق الوظيفيّة للأولى، ومن منافسي الثانية في عربدتها والتقاطع معها في أكثر من مناسبة سياسية. ولولا هذا الاعتبار لبقيتا محاصرتين في مربّعيهما فيقلّ ضررهما الحاصل لا محالة. والوضع الذي نعيش شاهد على كل هذا.
والمثير للسخرية والإشفاق أن يُفتح الحوار مع إحداهما أو كلتيهما بصفحة بيضاء ودون التزام قاطع منهما بالدستور وبالديمقراطية ومسارها وبالمعلوم بالضرورة من أخلاق السياسة والمصلحة العامة. بل وقد تشترطان ويُتنازل لبعض شروطهما.
وليس في هذا تنزيه للبقية، بقدرما هو تأكيد على أنّ المعادلة التي تجعل من حكومة الأكاديمية برعاية الإتيكا ولوبياته المالية قوّةً في الظلّ تنهش ما تبقّى من شروط استمرار المسار يجب أن تُحطّم مهما كان ثمنها السياسي.
فهي معادلة تُجيد الاستثمار في الأزمة وتتفنّن في ابتزاز حزامها الغبيّ والمورَّط والذي يراكم خسائره السياسية والأخلاقية ويهيّء لهزائمه القادمة إذا استمرّت المعادلة.
ومن جهة أخرى من المهمّ التشديد على أن يكون كل حوار مأمول تحت سقف الدستور وبشروط الديمقراطيّٰة واستكمال مسارها.
ولا قيام لهذا الحوار إلاّ بلقاء بين القوّتين الأكبر (الحزب الأوّل والطبوبي) بتزكية إقليمية ودولية وما سيترتّب عن هذا اللقاء من مخرجات سياسية، ولئن بدا هذا صعبا لما يحفّ به من معرقلات فإنّ قيامه سيكون في الآن نفسه شرطا لكسر المعادلة المذكورة.
وتشهد التجارب بأنّه لا يكون تجاوزٌ إلاّ بكسر المعادلات وجعل المستحيل ممكنا. وعلى هذه الأرضية من شروط الحوار تكون المحاسبة والنقد الجذري للسنوات العشر. وتحميل المسؤوليات واستخلاص ما يجب استخلاصه.
قد يُتوصَّل إلى تهدئة مؤقّتة توهم بإنهاء البلوكاج، غير أنّٰه لا أفق ولا انفراج ممكن في مواجهة هذه الظواهر المشوّهة إلاّ بمحاصرتها والتهيئة للرجوع إلى الشعب في انتخابات سابقة لأوانها بإعداد مناسب.
وإذا ما تواصلت سياسة التعفين في ظلّ المعادلة الحالية فإنّ وضعا جديدا أشدّ حدّة وأكثر تركيبا سيفرض نفسه…