في لقائه برؤساء الحكومات، سعيّد يضع نظام اللجان الشعبيّة "دون تسميته" على رأس الحوار الوطني، بل يجعله مدار الحوار كلّه، في حين يحتاج الحوار طريقة تُوقف تعطيل المؤسّسات والعمل على إضعاف تونس لدى الدول والمؤسّسات الأجنبيّة وإحياء قيمة العمل وفتح المجال أمام الاستثمار وإصلاح المؤسّسات الكبرى مع ميثاق بين الفرقاء يجعل الصندوق هو الفيصل والمدنيّة هي مدار الحكم ويجرّم الدعوة إلى العسكرة كما يجرّم التحريض على الانقلابات. وتحدّث سعيّد عن مرحلة انتقاليّة لم يحدّدها تكون ركيزة للانتقال إلى حكم اللجان الشعبيّة الذي قال أنّه "ليس بالبدعة". كما توجه سعيد بدعوة لكتابة دستور جديد، وطعن في الدستور الحالي.
وطعن سعيّد في الحوار الوطني السّابق الذي احتضنه الرباعي، وقال أنّه لا هو حوار ولم يكن وطني على الإطلاق، وقال أنّ أطرافا ذهبت إلى الخارج لإزاحته بأي شكل من الأشكال حتى بالاغتيال! وتلك طريقة استعطاف لا تبتعد كثيرا عن الرسالة المسمومة التي ما زالت النيابة العموميّة تترقّبها إلى الآن، وذلك سلوك دأب عليه سعيّد كما استعملته عبير موسي بأشكال مغايرة حين تشعر بأنّها تآكلت وتضطر إلى إعادة طرح أسهمها في المشهد عبر المظلمة أو العربدة أو الأخونة …
ومن طرائف ما قال سعيّد لندخل "في حوار جدّي يكون مرحلة انتقاليّة لحوار يمهّد لحوار آخر يتعلّق بنظام سياسي جديد، وبدستور حقيقي"!!! إذًا هو يقايض المجموعة الوطنيّة، يتنازل حدّ العظم ويأتي على هيبته وكبريائه ويجلس إلى كبار شخصيّات الدولة والأحزاب ويمنحهم الحديث عن ترتيبات مرحليّة تقود إلى الحوار الأصلي الذي يرمي إليه! والذي يجب أن يقود إلى نظام اللجان الشعبيّة!
وبعد 23 دقيقة و 20 ثانية من الحديث تخلّلتها عبارة القمامة عدّة مرّات والمزبلة والخونة حتى عبارة "نتونة" استعملها.. ينعق الناعقون.. المأجورون النهيق والشهيق.. المستنقعات.. الخيانة..الأكاذيب..جلاويز.. بئس..المتهافتون..مخبرين.. بعد خطاب ركيك عن ذاته المستهدفة وعنه كمحور لكلّ شيء، بعد كلّ ذلك قال لرؤساء الحكومات، الكلمة إليكم للحديث عن تصوّراتكم ثمّ انتهى الفيديو الذي بثّته الرئاسة!
سيسجّل التاريخ أنّ شخصيّة أميّة في عالم السياسة لا يمكنها القيام على معتمديّة بل لا يمكنها إدارة نقاش هادئ داخل مكتب بلدي، وصلت إلى أعلى منصّة سياديّة في البلاد، وحوّلت منبر الرئاسة إلى سيرك ثمّ طوّرت من ألعابها البهلوانيّة فحوّلته إلى بؤرة تخرّب علاقات تونس مع محيطها الإقليمي والدولي وتعمل بحماس على تعطيل سير أشغال الدولة لصالح فكرة هلاميّة، حتى القذّافي الأب الروحي لتلك الفكرة يسمّى مجنون ليبيا، فكيف بتلميذه الراكد الذي لم يأخذ حتى تهوّر الأبّ المؤسّس واندفاعه، تلميذ حوّلته البطالة السياسة إلى مومياء ونخره القعود الطويل، حتى إذا وصل إلى السلطة تجشّأ كلّ عقده على تونس.. أحمق جدّا وكثيرا وبلا حدود، يقول على مسمع من العالم أنّ شعب تونس يأكل من القمامة!!!