بعيدا عن التأويل لا أعرف السبب الفعلي للتأخير في تسمية أو اختيار رئيس حكومة، ولعل أهم ما وقع يوم 25 هو دفع هشام المشيشي إلى الاستقالة، ومن المفترض أن بديله ينتظر في المقصورة، أما أن يستمر الكرسي شاغرا إلى اليوم فهذا مما قد يدل على ارتعاش لا يجدر بانقلاب. وها قد كشفت بعض المصادر الإعلامية عن رفض أربع شخصيات تولي المنصب. وهذا في منطق السياسة يعتبر ادخارا للمستقبل.
وفي انتظارهم مستقبلا، أقترح لسد الفراغ اسم لطيفة العرفاوي. لماذا هي بالذات لتولي منصب رئيسة الحكومة؟ لا ننسى أنها إلى حد الآن قامت بأكبر إنجاز تمثل في إنتاج أغنية تأييد، أطربت رئيسة الديوان الرئاسي، ولا شك عندي أن لطيفة العرفاوي ستقبل العرض وهي تستأهل المنصب وأكثر.
لا ننسى أنها ليست أقل شهرة من المشيشي الذي سبق لقيس سعيّد أن اقترحه، ولها أكثر منه تجربة في السياسة بحكم تقربها وقربها من عدة حكام عرب، ومنذ عقود غنت للمخلوع وأكلت على مائدته، وكانت ناطقا غنائيا باسمه. وأعتقد أن تسميتها على رأس الحكومة ستدفع من بقي مترددا أو محايدا من أنصار المخلوع ليصبحوا من أنصار الرئيس قيس سعيّد. وإلى جانب ذلك ستدفع تسميتها النساء جميعا للانحياز إلى العهد الجديد. يحي الشعب.
ولعل الأهم من ذلك سيقال إنها أول امرأة عربية تتولى منصب رئيسة حكومة، وسيقال أيضا إن تونس سباقة في مضمار تحرر المرأة في البلاد العربية، وسيقال بأن تسميتها انتصار للدولة المدنية ولتيار الحداثة والحداثيين.
فضلا عن ذلك فلطيفة العرفاوي، لا شك أنها ستدعم علاقاتنا العربية العربية العربية (أي بالطول والعرض والعمق) بالنظر إلى ما تحظى به من قبول ليس فقط في مصر، وإنما في عدة دول أخرى، بما في ذلك مملكة آل سعود. وهي بذلك ستعطي دفعا قويا للدبلوماسية التونسية مع ما لذلك من انعكاسات اقتصادية ومالية وسياسية، وإعلامية، وثقافية، وفنية.
أما داخليا فستلقى تسميتها القبول الحسن في أوساط الفنانين والمثقفين والكتاب وطيف واسع ممن لهم علاقات معيشية مع وزارة الثقافة. وكل ذلك سينعكس إيجابا على بقية القطاعات والوزارات بما يبشر بنجاح السيدة رئيسة الحكومة، لطيفة العرفاوي. ومع كل ذلك فهي لن تخطف الأضواء من فخامة رئيس الجمهورية، وتبقى خاتما على قدر ثخن خنصره.