قرٌرت بعد مداولات بين نيروناتي و قلبي أن أغيّر مقهاي الّذي كنت ارتاده يوميا و أصدرت فرمانا نشرته على رائدي الرسمي يلزم قدميّ بأن لا تتخطّى عتبته، و في الحقيقة أنّه لم أتعرّض لتضييقات أو تنمّر، بل هو استشراف و استباق لعدم حدوث ما لا يحمد عقباه و تجنّبا لمناكفات و مصادمات مع من رأيتهم متحفّزين لاستثارتي و قد رأيت عدم الاستجابة للانصياع وراء غريزتي البهيمية و آثرت الانتقال إلى مكان آخر أجالس فيه نفسي أو بعضا ممّن مازالوا يحتفظون بعقولهم و إنسانيتهم.
كنت و أنا في طريقي إلى محطّتي الجديدة أمرّ بمقهاي القديم فأرى في عيون بعضهم نظرات الاستغراب و أقرأ علامات الاستفهام باعتباري طائرا يغرّد خارج سربهم ، و بعضهم محتار كيف لا زلت أمشي حرّا طليقا و يتخيّلني في وضعية الدّجاجة المصلية أو جالسا على قارورة مشروبات غازية و مجرّد رؤيتهم لي و أنا أمشي منتصب القامة و أغرّد و اكتب بما يمليه عليّ عقلي و ضميري هو دليل على فشل الانقلاب و عدم اكتماله ، بينما يتّخذني الآخر دليلا على أنّه تصحيح مسار و ليس بانقلاب باعتبار أنّ الحرٌيات لم تمسّ، " و ربّي قيّاد في العفارت".
المهمّ أنّني مصنّف لدى بعضهم متمرّدا ، عاقّا و كافرا بما يؤمنون بالرّغم من أنّهم لم يعرضوا رسالة تهديني إلى الايمان بدينهم القديم الجديد.
كان شيطاني الصّغير الّذي يمنعني من دخول جنّتهم يوسوس لي دوما كيف تؤمن بآلهة و أنت ترى بأمّ عينيك و هم يسوّونها بأيديهم و يركعون لها قبل حتّى أن تصدر خوارا سائلين قضاء حوائجهم.
قالت ملائكتهم ،لا تتسرّع هو لم يدّع ألوهية ألم تره يركع مع الرّاكعين؟ قلت كذلك يغوث و يعوق و نسرا اتّخذوهم آلهة بعد موتهم برغم كونهم من الصّالحين، فأجابتني قد يكون المهدي أو تمكّن من خاتم سليمان و أمدّه اللّه بسلطان مبين، ألم تر كيف تدفّق الفسفاط بعد انقطاع سنين؟
ألم تر كيف توفّر الأكسيجين و زيت الصوجا و اللّقاح في لمحة عين؟
ألم تر كيف استجابت البطاطا و الطماطم لأوامره و امتنعت الطيور عن أكل محاصيل القمح و انفجرت بكلماته العيون و استتبّ الأمن و اخرج جبل الشعانبي عن الخدمة و صار اتّحاد التعطيل و التخريب على العمل و البناء من المشجّعين، أليس هذه بمعجزات تكفي لأن تكون من المؤمنين؟
أليس هذا كمن يمتلك عصا موسى ؟
قلت و أنا استحضر سحرة فرعون، و خدم كاليغولا و حاشية بوسكا و كلاب ايڥان الرّهيب و نيكولاس و لينين و ستالين و كلّ قائمة الطّغاة السّيكوباثيين، كلّهم كانوا كذلك آلهة أو أنصاف آلهة من الطّيّبين!
ترون بيده عصا سحرية يهشّ بها غنمه و له فيها مآرب أخرى و أراه عصا بيد مجهولين.
لن أعبد ما تعبدون.