"السلطان"

نعم لم لا تكون لدينا ميركل تونسية كرئيسة للحكومة بشرط أن يصبح نظامنا السياسي، الذي ينبغي تغييره دستوريا، نظاما برلمانيا صافيا تماما مثل ألمانيا ؟! وأوافق الذين يدعون إلى يد قوية تمسك بمقاليد الحكم وتفرض الانضباط بعد "عشرية التسيّب والفوضى" بشرط أن تكون مثل "المرأة الحديدية" تاتشر رئيسة الحكومة السابقة في بريطانيا العظمى ذات النظام البرلماني والديمقراطية الحديثة الأعرق في العالم.

فعلا ينبغي التخلي عن "نظام بوراسين" الذي قسّم السلطة التنفيذية وأربكها طيلة العقد الفارط في تونس بشرط أن يصبح نظامنا برلمانيا صرفا مثل الهند أكبر ديمقراطية في العالم وأن تكون على رأس حكومتنا امرأة حازمة وحكيمة وذات خبرة مثل الراحلة انديرا غاندي.

المقصود من هذه الأمثلة التي لا تعني الاتفاق في التوجه السياسي مع النساء المذكورات هو أن قوة السلطة التنفيذية مع تماسك مؤسسات الدولة ليست حكرا على النظام الرئاسي كما يزعم ويسوّق البعض بل يمكن أن يضمنها أكثر النظام البرلماني ، دون إمكانية انسداد أو تصادم لا نتحمله مع مجلس النواب كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية عندما تكون أغلبيته معارضة للرئيس، والدليل على ذلك أن النظام البرلماني هو السائد في أغلب الديمقراطيات الغربية (مثل إيطاليا وهي الأقرب إلينا جغرافيا ومزاجا شعبيا بعد الفاشية التي جرّبنا ما يشبهها طيلة ستين عاما) وكذلك الشرقية (مثل اليابان) دون الحديث عن ذلك الكيان العدواني، الذي أصبح صديقا بل شقيقا لمحورنا الإقليمي الجديد غير المطبّع بالمرة وقد أذاقنا كعرب رئاسويين، جمهوريين وملكيين، متعلقين بالحكم الفردي والزعيم الأوحد، بنظامه البرلماني الصريح وقانونه الانتخابي النسبي والمراعي لكل الألوان والأوزان، النكسة تلو النكبة.

وإذا كان الهدف الأخير من كل ما حدث مؤخرا عندنا وتم ترتيبه منذ مدة هو تغيير النظام السياسي بالرجوع إلى النظام الرئاسوي (الذي يعني بكل بساطة لبعض الداخل والخارج "اللي يشدّ الصبع يشدّ اليد بكلها" ) فلنفسح المجال أمام نقاشات وحوارات حقيقية حرة ومتعددة لما يصلح لنا كنظام سياسي ونظام انتخابي وكشعب يرنو إلى الحرية والتقدم وليس التمهيد السريع و"المغموم" كما نحن بصدده لحملة استفتاء موجهة ودعائية لا تليق فعلا إلا بأحد "شعوب العالم الثالث" في ستينيات وسبعينيات القرن الفارط على غرار استفتاء الرئاسة مدى الحياة في تونس سنة 1975.

وإذا تحقق العكس الصعب شعبيا وحتى نخبويا وتم اختيار النظام البرلماني نعد فخامته الرئاسية بأن يبقى معززا مكرما في مقام الإمبراطور الياباني أو ملك السويد أو رئيس إيطاليا ولو شاء اخترنا له، بحكم ميوله التراثية، لقب "السلطان" ولكن من دون "أحكام سلطانية" غاشمة مثلما يأتيها هذه الأيام.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات