- ما حصل، في رأيي، هو انقلاب (هذا القول لا يلزم عنه أنّ ما سبق كان جنّة من الحريّات والازدهار الاقتصاديّ، إلخ).
- ما سيحصل هل سيكون هو نفسه ما يحصل بعد الغالبيّة السّاحقة من الانقلابات (تضييق على الحرّيّات بمختلف أنواعها، تدهور اقتصاديّ، إلخ) ؟
يقول أحدهم: للإجابة عن كلّ سؤال من هذا النّوع، هنالك طرق عديدة، أوثقها: أن ننتظر ونرى. ويضيف أنّ دافيد هيوم قال إنّنا لسنا على يقين من أنّ الشّمس ستطلع غدا. فإذا أردنا أن نحكم على صحّة التّعميمات في إطار قوانين الطّبيعة، فأفضل طريقة هي أن ننتظر ونرى.
نعم ما يحصل في الأكثر (الطّبيعيّات) يحصل من باب أولى في الأقلّ (الاجتماعيّات).
نعم – حتّى لو ذهبنا إلى الأقصى وافترضنا صحّة القضيّة أنّ كلّ انقلاب ينتهي إلى الاستبداد ومزيد الفقر (إلخ) – فهذا لا يجعلنا على يقين من أنّ انقلاب 25 جويلية سينتهي إلى الوضع نفسه.
... إذن هل ننتظر ونرى؟
جوابي: لا.
يجب أن نصرخ وأن نقول للانقلاب إنّه انقلاب وأن نقف ضدّه لكيلا ينجرّ عنه ما ينجرّ في مجاري العادات عن أغلب الانقلابات.
هذا في تقديري ما ينبغي لكلّ مواطن تونسيّ أن يفعله لكي يحمي بلاده من الاستبداد المحتمل لقيس سعيّد. هذا في تقديري ما ينبغي لكلّ من له علاقة بقيس سعيّد تزيد على علاقة الاشتراك في الوطن أن يفعله لكي يحمي قيس سعيّد من نفسه.
نعم صراخنا لا يفيد في مثال الشّمس (إن كانت ستطلع، ستطلع؛ وإن لا، فلا)، لكنّه يمكن أن يؤثّر في مسألة ما ينجرّ عن الانقلابات عادة.
بين شرّين
من يحكم بالشّرعيّة، قابل بعد ذلك لأن يُزاح بغيره الذي سيحصّل في الصّندوق أصواتا أكثر (تداول سلميّ على السّلطة).
ومن يحكم بالمشروعيّة، يمكن بعد ذلك أن يزيحه من سيزعم أنّ له مشروعيّة أكبر (المشروعيّة نتاج زعم لا إثبات حقيقيّ عليه، ثمّ إنّها وبالخصوص لا تضمن التّداول السّلميّ على السّلطة).
بماذا يقضي العقل إذا دعي للاختيار؟
رأيي أنّه يقضي بخيار الشّرعيّة (وإن كانت بها كلّ العلل: صندوق يتحكّم فيه وفي مخرجاته المال الفاسد، إلخ)، لأنّ خيار المشروعيّة أشدّ خطرا.
بين شرّين يختار العقل الأهون.
قد نذهب إلى ما هو أفضل ونقول مع كارل كراوس إنّ من العقل، وبين شرّين، أن نرفض الاختيار. هذا يعني أن نصلح نظام صندوق الانتخاب (وعموما نظام الحكم) لنجعله ينقص (لا أقول يزيل، فهذا متعذّر) من تحكّم الفساد (بجميع أنواعه) فيه ومن ثمّ في مخرجاته.
للأسف لا أظنّ أنّ ما قام به رئيس الجمهوريّة يذهب في اتّجاه اختيار ما هو عقليّ. لذلك عارضته وسأواصل معارضته.