1
لا يمكن أن أكون محللا سياسيا أو مستشرفا أو أكاديميًا ولا باحثا جامعيا في ظل انقلاب يصادر الحريات الأساسية، قبل أن أعلن مناهضتي للانقلاب على الدستور والديمقراطية.
ولا يمكن أن أتخفَّى وراء أشعار أو حكم سائرة أو نصوص سياسية وفلسفية لمشاهير أنشرها على جداري تلميحا، قبل أن أعلن مناهضتي للانقلاب البائس…
أنا قبل كلّ شيء مواطن حر يؤمن بالديمقراطية كإيمانه بالله، وأعتقد أنّ إيماني بالديمقراطية والعيش المشترك لو وزّع على الطبقة السياسية (المتناحرة بالأمس المتخاذلة اليوم ضعيفة الثقافة الديمقراطية وشقيّة الوعي) لكفاها.
2
أنا مواطن حر مهدّد في مواطنته بانقلاب بائس يريد مني أن أنحدر إلى منزلة الرعيّة، وأن أرضى باستيلاء فرد بلا سيرة سياسية على كلّ السلطات التي فصل بينها الدستور، وينصّب نفسه حاكما بأمره بمسوغات شعبوية واهية، على أنقاض تجربة في بناء الديمقراطية.
أنا مواطن حر، بقدر حزني من الانقلاب على دستور الثورة العظيم المعمّد بدماء الشهداء وأساي على طبقة سياسية خانعة، لا أخفي ارتياحي إلى الفرز العميق الذي نعيش ودوره في إظهار معدن الأحرار وكشف حقيقة الشعبوية وقبح الفاشية ووضاعة المرتزقة والوظيفيين والقوادة والمتنكّرين لقيم ظنناها جامعة.
3
أنا مواطن حر لن أتنازل عن الدستور والديمقراطية. وهما ليسا موضوع مقايضة، فهما عنوان مواطنتي ومعنى وجودي السياسي. وسأحتفل باستردادهما مع أحرار هذا البلد في يوم له ما بعده.
أنا ضدّ الانقلاب، ولو بقيت فردا. وليس هذا فائض شجاعة، وإن كانت مناهضة الانقلاب وأدواته مقام يسمح بالفخر والكبرياء، ولكنه مثابرة منّي من أجل أن يساوي المرء نفسه وأن يكون وفيا لماضيه ولأخلاق أهله ولسير عشّاق الحق والعدل والحريّة عبر تاريخ…