هم في الأصل يلعبون في الاقتصاد دور الواسطة لرؤوس الأموال الأجنبية، هؤلاء وكلاء وتجار وموردون وكل من يرتبطون برؤوس الأموال الأجنبية. وفي الاقتصاديات الضعيفة يكونون الكل في الكل. يفلس آخرون وهم لا يفلسون، يمكن أن يتغير النظام وهم لا يتغيرون. مستمرون في دورهم الوسائطي منذ عهد بورقيبة، مع بعض التعديلات في صفوفهم بما يقتضيه كل عهد جديد.
حديثي بمناسبة مشاركة عرف الأعرف التونسيين في "لقاء المقاولين الفرنكوفونيين" الذي انعقد في باريس يومي 24 و25 أوت الجاري حول موضوع: "كيف نبني الفرنكوفونية الاقتصادية؟". ربما أفهم أن هذا الشعار يعني "استهلك فرنسي عفوا فرنكوفوني"؟ الموز والقهوة من إفريقيا الفرنسية عفوا الغربية وووو، وما يهمنا فيها الدقلة وزيت الزيتون، وأما الصناعات فمن فرنسا؟ وليس من الغريب أن يكون أحد محاور اللقاء الباريسي "الرقمي كرافعة للفرنكوفونية"، شعار يكشف عن الشعور الفرنسي بالتخلف في هذا الميدان.
وأما المحور الأول والأهم لهذا اللقاء فقد جاء تحت عنوان: "أية سيادة غذائية؟" والله بالحق، لقد طرحوا للنقاش موضوع السيادة الغذائية. بطبيعة الحال هم لا يتحدثون عن تونس هنا، وإنما في إطار الاقتصاد الفرنكوفوني. كمحاولة لحصار الامبريالية الصينية، والإحاطة بزريبة النعاج.
أوكي، الكمبرادور الاقتصادي أوضح من أن نتوقف عنده طويلا. فقط هو يتكلم بلسان طويل عن الوطنية، عقدة وجوده أصلا.
بقي الكمبرادور السياسي، كحضانة للكمبرادور الاقتصادي والكمبرادور الثقافي طبعا، هنا مربط الفرس. للتذكير بأن فرنسا هي المستثمر الأول في تونس، وهو ما يوازي أيضا أهمية مؤسساتها في التشغيل في بلادنا. ورياضيا من تكون له مثل هذه المكانة فإنه بالضرورة يحشر أنفه ويدخل أصابعه في كل المغاور الأخرى، وفي مقدمة ذلك السياسة، حتى يضمن استمرار مصالحه الاقتصادية وسطوته الثقافية، نعم في السياسة هناك كمبرادور، ونافذ أيضا، وكأي كمبرادور هو يقوم بدور الواسطة لصالح مشغليه. دعك من الصوت المرتفع وفائض الكلام عن الوطنية. الكمبرادور السياسي. والباقي تفاصيل.