مقدمة :
قيس سعيد "الأديب" (في معنى السياسة كأدب و معنى التأديب أي المعاقبة بقصد الإصلاح و التهذيب) له مجموعة من المقولات الي أَكَلَتْهُ و أَكَلَهَا (بتعبير المسعدي) و بها أوْثَقَ سرده (زوز معاني الثقة و التوثيق و كذلك معنى الوثاق و التقييد). من تلكم المقولات ما سعى في تَرْشِيدها عقليا (ماكس فيبر) ليلة 25 جويلية من قبيل "الشعب يريد" ذاك الذي خرج/عرج ليلتها للشارع بحثا عن إرادته ، و "القائد الأعلى للقوات العسكرية و المدنية" التي حَادَتْ عن كونها إمكانا قانونيا إلى حالة بيروقراطية واقعة بالقوة و بالفعل .. إلى جانب العبارة الصَّاخبة "زقفونة" في إحالة إلى وضعية كاريكاتورية فاضحة لطبقة سياسية قبل أن تُفسد عليها رحلتها و "يُسْلَب" منها الجمل بما حمل ..
من هناك يمكن أن نُسائِل راوي سرديتنا و مَرْوِيَّهَا ، إلى أي مدى يمكن أن نعثر على 25 جولية داخل رسالة الغفران و العكس بالعكس ؟
1/ يقول أبو العلاء " قَدْ وَصَلَتْ الرِّسَالَة التي بَحْرُها بالحِكَم مسجور من قَرأها مأجور" في معنى خطاب ليلة 25 جويلية و قَبْلَه رسالة عتيقة في الرد على تنقيح قانون المحكمة الدستورية استفتحا بذكر الله .. "إذْ كانت تأمر بتَقَبُّل الشرع و تَعِيب-على البرلمان- ترك أَصْلٍ إلى فرعٍ" .
25 جويلية ، غَرِق من قرأها "في أمواج بِدَعِهَا (فصل 80) الزاخرة و عَجِبَ من اتّساق عقودها الفاخرة و مثلها شَفَعَ و نَفَعَ و قرَّب عند الله و رَفَعَ" .
2/ خطاب 25 جويلية "تَعْرُجُ به الملائكة من أرض 24 جويلية الراكدة إلى السماء و تكشف سجوف الظلماء" ، "وقَدْ غُرِسَ لمولاي الشيخ الجليل و قُرَّائِه/الشعب (انشاء الله) بذلك شَجَر في الجنة لذيذ اجتناء (على الأقل في الوعي الجماعي)" ، خطاب عروج نحو جنة سياسية تحققت ب"قد" التحقيق كما تحققت ب80 الدستور إنشاء الله ..
3/ بالرغم أننا في الطريق نحو الجنة ، يَخْطُرُ له "أدام الله تمكينه شيء كان يُسمى النُّزهة (ليلا) في الدار الفانية ، فيركب نَجِيبًا .. في سجسج بعيدا عن الحر و القر .." ..
"و نسير في الجنة 26 جويلية على غَيْرِ مَنْهَجً" و لا خارطة و لا جغرافيا و "معنا شيء من طعام الخلود" (الشعب يريد) .. " حتى إذا رأى نَجِيبه(مناصريه) يُمْلِعُ/يسرع رفع صوته "ليت شعري .. سنلاحقهم"
القارئ ينتظر أثرا كي يتأثر و فعلا كي يرد الفعل ، فعل الإنتظار قد يكون مشوقا داخل الأسطر و الكلمات و مع أبطال الخيال لكنه مُضْنٍ و "غريب" داخل أسطر الواقع ..
4/ تَعْتَبِرُ رسالة 25 جويلية أن الجميع "أبناء قارح" في علاقة تسلطية مع الرئيس السَّارد الذي أُطْلِقت يده لإذلالهم و تأديبهم.
تظل الطّبقية السياسية و الاجتماعية دونما حل حتى داخل الجنة ، و يحيد السرد عن المنطق في سيره : الفاسدون-هذه التشكيلة الهلامية-لا تخضع لذات متعالية و كلية تفصل في مصيرها نحو الجنة أو النار ( غياب القرار/العدل الإلاهي، القرار/العدل القضائي) بل لمحاكمات شعبية افتراضية و مهينة و لاعقلانية كتلك التي تحكم تصنيف الأدباء داخل الجنة و النار في رسالة الغفران ، لا منطقية في الحساب بين طبقة "تتكئ على فراش من سندس"(1500 مليار) و بين طبقة الحطيئة ..
٥/ 25 جويلية كثير الاستطراد كما الحال في الغفران
6/ تعددت التوصيفات بشأن جنس 25 جويلية بين (الانقلاب و الافتضاض الدستوري و الانقلاب الديمقراطي و الضرورة و المبادئ فوق الدستورية... ) كما الشأن بالنسبة لأجْنَاسِيّة رسالة الغفران( مسرحية ، قصص داخل قصة ، قصيدة ، رواية ..الخ)
7/ تعيش الدولة و مؤسساتها بانتظارها على وقع قنابل/قلاقل إعلامية يومية "تهتز على إثرها أرجاء الجنة" …
8/ الكثير من "أبناء القارح" يترددون على قصر قرطاج /الجنة و خازنها رضوان مرددين " قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل" .
10/ رسالة 25 جويلية تَمُرُّ بالجميع شعبا و دولة فوق الصراط و منه "على مفرش من السندس كلما مَرَّ الشعب بشجرة نَضَحَتْه أغصانها بماء الورد (عَلَّهُ يستفيق) ... لا يزال كذلك أبدا سرمدا ناعما في الوقت المتطاول منعما " حتى يدرك الأفول …
خاتمة :
هذه مسودة تشاؤمية شأن سوداوية أبي العلاء المعري ، ترى أن مقولات الرئيس سَتُفْنِيه و يُفْنِيهَا (بعبارة المسعدي) و أن جنة 25 جويلية هي جنة أديب ضرير و محروم أَكَلَهُ سرده و "انقلب" / ارْتَدَّ بسببه إلى "ابن قارح" وحيد يسير على غير منهج و نحن معه نصارع المصير ..