لا للانقلاب على المؤسّسات وحذار من الحرب الأهليّة

بقطع النظر عن ما حصل يوم 25 جويلية الفائت ان كان انقلابا كما يراه شق من التونسيين أم تصحيح مسار كما رآه الشق الآخر، وبصرف النظر عن نية الرئيس إن كان سيستولي على جميع السلطات وتغيير النظام السياسي من برلماني الى رئاسي، وبقطع النظر عن المناكفات الحاصلة بين شق الرئيس والشق المناهض له على مواقع التواصل الاجتماعي والذي بلغ أحيانا مستوى الحضيض من سب وشتم وحتى تهديد بالسحل والقتل وهو ما ينبئ بامكانية حصول الحرب الأهلية لا قدر الله في صورة تواصل هذا السجال العنيف بين العنف والعنف المضاد.

وبقطع النظر عن ما إذا كان ما قام به الرئيس قيس سعيد يوم 25 جويلية صحيحا أم لا، وبقطع النظر عن مدى احترام الرجل للفصل 80 أم التعدي عليه ودوسه وبقطع النظر عن كل هذا فان تغيير النظام أمر لا يقلقني بقدر ما يقلقني تنظيم انتخابات مبكرة بنفس القانون الانتخابي القائم وخاصة فيما يتعلق بشروط الترشح لمجلس نواب الشعب والانتقال من الانتخاب على القائمات الى الانتخاب على الأشخاص رغم أن هذا الأمر يطرح عدة مشاكل مثل مشاكل يطرحها الانتخاب على القائمات على غرار شراء الذمم ولكن يمكن تجاوز السلبيات من خلال اقرار شرط الترشح.

فالمجلس التأسيسي الذي أنتخب مباشرة بعد الثورة في 2011 ومجلس نواب الشعب الذي أنتخب في 2014 طرحا عدة مشاكل وسلبيات تتعلق بالأشخاص المترشحين والذين وصلوا سدّة البرلمان بآلية أفضل البقايا التي كانت كارثة تسببت في وصول أفراد لا مستوى لهم ولا ثقافة في القانون والدستور كتبوا لنا دستور 2014 وهنا لا لوم عليهم بل اللوم كل اللوم على من أقر شرط الترشح بأفضل البقايا وهو نفس المشكل الذي طرح في انتخابات 2014 حيث وصل للبرلمان أشخاص ذوي مستويات محدودة بل وضعيفة جدّا بل وصل إلى البرلمان " كناتريّة " و بعض " البانديّة " بحوالي 2000 صوتا فقط في الوقت الذي وصل فيه شخص آخر الى البرلمان بـ15 ألفا صوتا،

فالمنطق ولكي نؤسس لبرلمان محترم وجب تنقيح القانون الانتخابي باقرار شرط مستوى تعليمي معين للترشح لا يقل عن مستوى سنتين تعليم عال وفي أدنى الحالات يكون محرزا على شهادة البكالوريا، ولكن هذا الشرط لا يمكن إقراره بلجنة كما ذهب إلى ذلك رئيس الجمهورية، بل بعودة البرلمان إلى الانعقاد ومن ثم فتح حوار وطني تشارك فيه جميع الأحزاب إلا من أقصى نفسه وتنقيح القانون الانتخابي والذهاب الى انتخابات سابقة لأوانها،

فعودة البرلمان وتحريره من هيمنة الدبابات تلك الصورة التي أساءت لتونس أمر لابد منه لأن الدول المتقدمة هي التي تحترم المؤسسات وإن كان آداؤها رديئا ويكون فيها التغيير بأساليب ديمقراطية وعن طريق الاقتراع لأن غياب المؤسسات يؤدي إلى الاحتراب كما يحصل اليوم في تونس حيث ينتصب كل من هب ودب لمحاكمة الناس عبر الشبكة العنكبوتية وينصبون المحاكم في شارع الحبيب بورقيبة ويصفون الناس بالخونة ويرفعون صور للصواريخ في تحريض واضح على الناس وعلى الاقتتال وخوفي كل الخوف أن تنتقل هذه الحرب الكلامية على شبكات التواصل الإجتماعي إلى الشارع وعندها نفقد وطنا بأكمله .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات