مسألتان يعود إليهما قيس سعيد في كل مرة، وهو ما يدل على أنهما تزعجانه وتؤرقانه، وتتعلقان بعدم اقتناع سامعيه بوجهة نظره فيهما فيضطر للتفسير من جديد، ولو لم تكن فضيحة لأصدر بخصوصهما أمرا رئاسيا يعاقب من يخالفه فيهما. المسألة الأولى تتعلق بالقول بأن ما قام به يوم 25 يوليو هو انقلاب، والثانية تتعلق بتحديد المعني بالخطر الداهم.
فبالنسبة للانقلاب، تهجم بنفس الألفاظ أكثر من مرة على القائلين بأنه انقلاب، داعيا إياهم إلى العودة إلى مقاعد الدراسة، ولو عادوا لتحصلوا على صفر. أو متحججا بأنه لو كان انقلابا لتم استعمال الرصاص أو كيف يكون انقلابا من داخل الدستور، وكأن الفصل 80 يستوعب كل الدستور، أو كأن توسعه في تأويل الفصل 80 لا يخرج عن روح الدستور ونصه.
وأما بالنسبة إلى الخطر الداهم، فقد توجه إصبع الاتهام في البداية إلى الخطر الخارجي، القادم في ثوب الإرهاب المتسلل من ليبيا، ولكن انفضح الأمر، وكانت له تعقيداته، فالتفت إلى البرلمان باعتباره الخطر الداهم والخطر الجاثم. ورغم أن إغلاق البرلمان يعني تجميد إحدى مؤسسات الدولة، مثلما وقع تجميد مؤسسات أخرى مثل هيئة مكافحة الفساد أو تهديدها بالتجميد مثل هيئة الانتخابات أو حتى القضاء، فإنه يصر على أن البرلمان هو الخطر الجاثم.
وقد عاد إلى نفس الموضوع في خطاب تنصيب الحكومة الانقلابية، مستظهرا بصور من البرلمان للتذكير بما جرى فيه، لم ننس أنه رفض التدخل في حينه من أجل إيقاف العبث في البرلمان. لكن الأهم الآن هو أن استخرج صورا شتى للتدافع أو الهرج أو العنف في البرلمان، إلا أن الصدفة أن تلك الصور لم تكن بينها عبير موسي ولا جوقتها، ليس من بينها صورة واحدة لها وهي ترتدي الخوذة ولا السترة المضادة للرصاص، ولا صورتها وهي معتصمة بالبرلمان متدثرة بالأغطية الصوفية ولا هي تحتل مع كتلتها مقام رئاسة المجلس، أو وهي تتجول بجهازها لتقوم بالبث المباشر، أو هي تمسك بالبوق في وجه رئيس إحدى اللجان. وهو ما يعني أن قيس سعيد يبرئ عبير موسي من ترذيل البرلمان.
وهو ما يطرح السؤال ما معنى ذلك؟ ألا يكشف ذلك عن تحالف بينهما؟ تقوم هي بموجبه بترذيل البرلمان لتهيئ له الجو حتى يكمل هو الباقي بالانقلاب. وهل كان تحالفا ثنائيا أم بوساطة طرف ثالث؟