منذ الانقسام الباشي/الحسيني خلال النصف الأول من القرن الثامن عشر، ثمّ الانقسام اليوسفي/البورقيبي خلال خمسينات وبداية ستينات القرن العشرين، لم تشهد تونس وضعا يهدّد بانقسام خطير، كما شهدته منذ 25 جويلية الفارط...
انقسامُ هذه المرّة ليس بين عائلتين تتنافسان سدّة الحكم، أو بين شقّين من نفس الحزب يتنافسان السلطة وتوجهات الدولة... وإنّما هو انقسام حول قيم مركزيّة.
من ناحية، شعبويّة ذات نفس فاشي يذكّرنا –من حيث الخطاب ومن حيث الممارسة-بشعبويات وفاشيات الثلاثينات، في إيطاليا وألمانيا والاتحاد السوفياتي، ومن ناحية أخرى دفاع مستميت عن قيم الثورة، وما حملته من أحلام وطموحات أجيال وأجيال بالحريّة والعدالة والديمقراطية ودولة القانون والمؤسّسات، كسبيل لا بديل عنه لتحقيق التقدّم والسعادة والدخول إلى دائرة التاريخ والحضارة…
معركة القيم المركزيّة هي معركة بين سلطان التسطيح، والجهل، والفرديّة، والبدائية، والقوّة، وبين سلطان العقل والجمال والحضارة.
القول بأنّ المعركة هي بين من هم مع ذاك الحزب أو ذاك الشخص، وبين من همّ ضدّ... هو عين التسطيح الشعبوي الفاشي…
انّها معركة بين القيم وبين الغريزة…