حملة تفسيرية تعني أن الذين يقومون بها هم من المثقفين المعروفين أو المشهود لهم في الساحة بالعلم والمعرفة والفصاحة والإقناع، وليسوا نكرات، لا يُعرف لهم اختصاص.
وتعني بالنسبة إلى الطرف الثاني أي المستهدفين بالتفسير، أن دورهم يقتصر على التلقي والاستيعاب، لأنه يصعب عليهم فهم الشيء بمفردهم، ربما بسبب مستواهم الثقافي والعلمي المتواضع، أو لمجرد تعقيدات نظرية، أو صعوبات لغوية. وعلى كل فهُم من تحت يتلقّون ما يأتيهم من فوق قانعين بما يُصبّ لهم لا رأي ولا دور ولا موقف.
وتعني أيضا أن هناك نصوصا نظرية تستحق التفسير والشرح والتبسيط. إلا أننا حقيقة لا نعرف لقيس سعيّد إضافة نظرية أو فكرية تستحق مفسرين أو شارحين، ولا نعرف أنه كتب خلال حياته المهنية أي كتاب في أي موضوع كان. وبالتالي فما هي النصوص الأصلية التي يفسرونها؟ بمعنى ماذا يفسر المفسرون بالضبط؟
وهنا نتذكر الحملات التفسيرية التي كان يقوم بها وزراء بن علي في زياراتهم الميدانية لتفسير خطبه، وخلق مناسبة للتعبئة والدعاية، أما أن تكون هناك حملة تفسيرية يتولاها نكرات غالبهم لا يعرفهم أحد، ولا نعرف لهم دورا في الدولة ولا في المجتمع، لتفسير شيء لم يسبق لأحد أن اطلع عليه، فهذا ما لا تفسير له.
في هذا الخضم تقول إحدى المنخرطات في الحملة التفسيرية "إن أعضاء الحملة التفسيرية لا يملكون تفويضا رسميا من رئيس الجمهورية". إذن... من فوّضهم للتفسير؟ من يقودهم؟ ومن هم بالضبط؟ وكم عددهم؟ ومن أدرانا بأنهم بالفعل يفسّرون شيئا، سواء كان كلاما، أو نصا أو فكرا أو طلسما، صادرا من رئيس الجمهورية؟ ولماذا الإبقاء على هذا الشيء سريا ولم يقع عرضه أو توزيعه أو إذاعته على أوسع نطاق؟
تفسير ماذا يا هذا؟