يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات و التوازن بينها المقرر بتوطئة الدستور من أهم أركان النظام الجمهوري الديمقراطي. ويتضح ان التدابير الاستثنائية وتعليق العمل بابواب كاملة من الدستور واعادة تنظيم السلطات العامة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 قد أدت الى إلغاء ذلك المبدأ وترتيب جملة من النتائج الخطيرة ،من بينها اساسا :
1-إلغاء وجود السلطة التشريعية وذلك بتعليق أعمال مجلس نواب الشعب و الخلط بين السلطتين التنفيذية و التشريعية.
2-تركيز السلطة في يد هيئة واحدة في الدولة وذلك بإحالة اختصاصات البرلمان ورئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية مع احتفاظه اضافة لذلك بصلاحياته الأصلية. وربما تكون هذه النتيجة اهم مظهر لإنعدام مبدأ الفصل بين السلطات الذي يفترض ممارسة السلطة من قبل هيئات مختلفة مستقلة عن بعضها البعض.
3-تمكين رئيس الجمهورية وهو احد راسي السلطة التنفيذية من عزل او إعفاء رئيس الحكومة وتعطيل السلطة التشريعية خارج اي سند من الدستور.
4-غياب التوازن بين السلطات بسبب التجاوز على حساب السلطات الأخرى. ومن المعلوم طبق تطبيق سليم لذلك المبدأ ان السلطات العامة في الدولة هي سلطات متساوية و مستقلة عن بعضها بحيث لا تستطيع احداها ان تستبد بالأخرى. وهذا ما يستوجب رقابة متبادلة بين هذه السلطات بالقدر الكافي لكي تدافع كل سلطة عن استقلالها وتمنع السلطات الأخرى من الجور عليها وذلك كله بقصد ضمان الحقوق والحريات العامة.
ومن الملاحظ ان الواقع المترتب عن التدابير التي نفذها قيس سعيد لا تلغي فقط وجود السلطة التشريعية، بل تدفع إلى هيمنة رئيس الجمهورية على السلطة القضائية واخضاعها لإرادته حتى لا تكون رقيبا على الانحراف بالسلطات والمساس بالحريات.
ومن المسلم به أن استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية و التشريعية هو الضمان الأساسي لعدم خروجهما عن دائرة اختصاصاتهما الواردة بالدستور.