ماذا يحدث بمدارسنا اليوم؟

الأستاذة فاتن بن سلامة أمام القضاء بسبب ملاحظة تقييميّة والأستاذ الصحبي بن سلامة يطعن بسكّين أخفاه تلميذ بمحفظته…

اهتزّت تونس برمّتها والأسرة التربويّة خاصّة بسبب حدثين متتابعين لم تألفهما معاهدنا ولا عرفتهما مدارسنا في السابق والحاضر القريب: أن تتكتّل كوكبة من المحامين لجرّ أستاذة إلى المحاكم بسبب ملاحظة تقييميّة من واجبها أن تبديها؛ وأن يطعن اليوم أستاذ في مقتبل العمر بسكيّن أخفاه تلميذ بأحد المعاهد في محفظته. ومشاهدو الفيديو الذي أرسله عموم الناس إلى بعضهم بعضا ليثقون من أنّ التلميذ الطاعن إنّما كان ينوي قتل السيد الصحبي بن سلامة. تلك جريمة موصوفة.

إنّي مدرّس كبقيّة المدرّسين وأعبّر أمام ما يحدث أنّنا وصلنا قمّة الانفلات وديست الأخلاق التربويّة بأقدام الإجرام المقنّع؛ بل يبدو أنّ رسالة المدرسة التي طالما افتخرنا بها وفاخرنا غيرنا من الأمم قد باتت على حافة الانهيار إذا لم تتدارك عاجلا وبلا تردّد من قبل مختصّين وذوي الكفاءة العالية.

أخشى أن نكون في مواجهة حرب القيم، وزلزلة المدرسة والتعليم، وتقويض ما بنته الدولة العصريّة من صرح الذكاء التونسي. وإذا تمهّلنا في التشخيص، وتباطأنا في العلاج، وزدنا باسم الحكمة الطين بلّة، فلن يتوانى المخرّبون والمجرمون جميعا عن تقويض ما يتبع التعليم من مجالات الصحّة، والعدالة، وما يبنى عليهما من الاستقرار الاجتماعي.

إنّي لأعجب أنّي لم أسمع تصريحا للسيد وزير التربية، ولا للسيّد وزير التعليم العالي. إنّي لم أر شيئا أقلق السيد رئيس الجمهوريّة المردّد في كلّ لقاء حرصه على التونسيين. ماذا ينتظر وزير التربية، وهو المعني الأوّل بحدث الإجرام وتخبّط الأستاذ الصحبي بن سلامة في دمه في مكان خصّص للتربية والتعليم؟ ماذا ينتظر وزير الداخليّة وهو المكلّف بالحفاظ على أمن البلاد. كل تخوّفي أن يكون الجميع في قاعة انتظار يخشون الكلام فيها حتّى يأذن لهم صاحب الأمر بأيّ قول يشاء.

أشعر اليوم بشدّة التعاطف مع الأستاذة فاتن بن سلامة؛ وإنّي لحزين اليوم لما أصاب زميلي الأستاذ الصحبي بن سلامة. ولأعتبر من شدّة الخوف أنّ جميع المدرّسات والمدرّسين في حاجة اليوم إلى حماية خاصّة من تلاميذ لا أخلاق لهم، ولا قيم. هل مثل هذه الرسالة العنيفة داخل المدرسة إيذان بتخريب جديد للحياة الآمنة بتونس. مثل هذا الأمر يستوجب خطابا كاملا يا سيادة الرئيس. ويحتاج بيانا وتعليقا يا سيادة وزير التربية، واحتجاجا صارما يا أصحاب القرار حيثما كنتم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات