ما شاهدته اليوم عاد بذاكرتي إلى بدايات حكم ابن عليّ. أفهم من لم يعش تلك الفترة وأفهم عدم خوفه ممّا يحصل أو عدم اكتراثه.
نعم خلفيّتي إسلاميّة. فلقد تربّيت في الكتّاب ونشأت على قراءة وحفظ القرآن الكريم. لكنّي لم أكن منتميا إلى أيّ حزب إسلاميّ (أو غير إسلاميّ). مع ذلك، وهذا من مقتضيات النّظام البوليسي، تعرّضت لمضايقات فرقة أمن الدّولة وقتها.
بعد 2011، وحتّى حين دعيت إلى القصر في فترة المرزوقي لحضور محاضرة للفيلسوف المغربيّ طه عبد الرّحمان، لم أذهب لكي أنأى بنفسي ما استطعت عن الفاعلين السّياسيّين. قمت بالشّيء نفسه في فترة الباجي حين طلبوا منّي أن أذهب للقصر لأبيّن وجهة نظري في مقترح تغيير أحكام المواريث.
قلت لهم إنّ رأيي كتبته وبإمكانكم الاطّلاع عليه ولا داعي لأذهب وأعيد على مسامعكم ما هو منشور. جاءت انتخابات 2019 وكنت من الدّاعين لانتخاب قيس سعيّد في الدّور الثّاني.
تربطني بالرّجل علاقة زمالة لم تشبها من بدايتها وإلى غاية خروجه إلى التّقاعد أيّة شائبة. قبل يوم 25 جويلية، ونظرا لتلك العلاقة، لازمت الصّمت رغم ملاحظتي لضعف (حتّى لا أقول شيئا آخر) في أدائه كرئيس.
وحين خرج في ليلة 25 وأعلن ما أعلن، رأيت أنّ الصّمت لم يعد يسعني فكتبت في لحظتها أنّنا أمام انقلاب. لم تكن بيني وبين الرّجل خصومة لكي أشكّ في أنّها أثّرت في حكمي وجعلتني غير موضوعيّ، بل ما كان بيننا عكس ذلك تماما.
نعم كنت أحبّ أن تثبت لي الأيّام الموالية خطأ توصيفي. لكن للأسف لم يحصل هذا، بل ما حصل هو ازدياد الحجج على أنّنا أمام انقلاب ككلّ الانقلابات. واليوم وفي باردو أضيفت حجّة واضحة أخرى.