حان الوقت لخلق وزارة كاملة تُعنى بالشّركات النّاشئة و المشاريع الصّغرى. أقول هذا لأنّه، و بكل واقعيّة و موضوعيّة، وحسب تقديري المتواضع، رفع تحدّي التّنمية و البطالة الهيكليّة في تونس يمرّ حتمًا عبر مُربّع الشّركات النّاشئة و المشاريع الصّغرى، فلا مناص من جعل هدف خلق أكبر عدد من الشّركات النّاشئة و القابلة للإستمرار كل سنة هدفًا قوميًّا و توجُّهًا إستراتيجيًّا للدولة.
خلق وزارة تُعنى حصريًّا بالشركات النّاشئة هي فكرة معمول بها مثلاً في بلدان مثل كوريا الجنوبيّة. الهدف هو تبنّي سياسات مُحفّزة لبعث المشاريع الصّغرى و خلق حاضنة فعّالة لمصاحبة و إسناد بعث الشركات النّاشئة و الواعدة.
يمكن تصوّر شراكة بين هذه الوزارة و الجامعات في شكل تربّصات و دورات تكوينيّة تتكلّل بكتابة خُطّة عمل (Business plan) مُنبثقة عن مشروع نهاية الدّراسة (PFE). تمرّ خطّة العمل المُقترحة، على لجنة لدراسة مدى جدوى المشروع و مدى إحتماليّة نجاحه ومن ثمّ تمويله.
بطبيعة الحال، لا يقتصر تبنّي المشاريع على هذا النّموذج فقط، ولكن يجب تعميمه على كل من يحمل بداخلة فكرة مشروع ناجح و يريد تحقيقه على أرض الواقع. مثلاً، يمكن لهذه الوزارة بعث فضاءات للعمل المُشترك (co-working spaces) في داخل الجهات لتكون بمثابة مراكز للدورات التّكوينيّة و للتأطير الأوّلي و فرصة ليستفيد الباعثُون المُحتملون من تجارب بعضهم البعض. في مراحل متقدّمة من تبلور فكرة المشروع، يمكن لهذه الوزارة تمويل دورات تكوينيّة أو تربّصات داخل الشّركات لفائدة الباعثين و ذلك للعمل على إكتساب الخبرة اللازمة.
فيما يخُصّ التّمويل، يمكن، في مرحلة أولى، تخصيص 0.1% من PIB (حوالي 100 مليون دينار) لتمويل هذه المشاريع في السّنوات الأولى و التّرفيع في هذا المبلغ ليصل 1% من PIB أو أكثر.
طبعًا هذه أفكار أوليّة محدودة و بسيطة يمكن الزّيادة عليها و تطويرها. المُهمّ هو جعل بعث المشاريع الصّغرى هوسًا مُجتمعيّا و بديلاً جديًا للعاطلين عن العمل..