قضاء تحت الطلب!

لا شك ان قيس سعيد لا يستمع الا لنفسه، بل الامر يتجاوز ذلك عندما يمضي في تنفيذ رؤيته رغما عن ارادة الجميع وفي اصرار لا مثيل له!

ومن الواضح ان له معاييره الخاصة التي يفهم بها الاشياء ويقيس بها الاوضاع ويحدد بها الاهداف ويتعامل بها مع المؤسسات وعموم الناس.

وبكامل الصدق لا اراه يقف على ارضية مشتركة مع اي كان في مسائل عديدة وهو ما يبعث على الحيرة بشان هؤلاء الذين يحيطون به او يسندونه او يلعبون ادوارا في حكومته: هل يخلصون له الولاء او يصدقونه النصيحة او هم يخشون نفوذه وسطوته؟!

ولا يخفى على اي متابع ان موقف قيس سعيد من القضاء قد بدا يأخذ منعرجا خطيرا لم يعد يقتصر فقط على الضغط والتهديد والازدراء والهرسلة اوالمطالبة بالتطهير، بل انتهى الامر الى التشكيك في مشروعية القضاء وموقعه وحتى في اعتباره سلطة من سلطات الدولة الثلاث.

وربما لا يمكن ان نتصور في تاريخ القضاء التونسي على امتداد مراحله ان يوجد مثيل لذلك اللقاء الذي انعقد بقصر قرطاج في 6 ديسمبر الجاري بين قيس سعيد ورئيس المجلس الاعلى للقضاء ورؤساء المجالس القضائية الثلاثة.

كما لا يمكن (ولو في الخيال) ان يصدر على لسان رئيس الجمهورية (المؤتمن على احترام الدستور) خطاب مباشر يتضمن - فضلا عن هجوم شديد على القضاء - تعليمات واضحة بتتبع جرائم انتخابية والضغط لإصدار احكام في قضايا جارية والبت في نزاعات مدنية وجزائية طبق توجهات واستنتاجات مسبقة.

فماذا يتبقى لتلك السلطة او لسلطان القانون، وان لم يكن ذلك تدخلا في سير القضاء فماذا نسميه؟! وهل ادرك رئيس الدولة انه بذلك لا يدعم استقلال القضاء (كما يقول) بل يلغي اي وجود له ويشيع الرهبة بين القضاة ويزرع الخوف في قلوب الناس.!؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات