ليس جديدا أن يسخر قيس سعيد من الاتحاد العام التونسي للشغل وان يجعله أضحوكة الجميع أمام دهشة الواقفين والمناصرين حقا وباطلا للقيادة الانقلابية التي صارت تمثل واحدة من أزمات البلاد ، وشماتة معارضي المنظمة او أعدائها اولئك الذين انتشوا بالأمس رغم مرارة اللحظة بالخط الثالث الذي يقترح قيس سعيد أن يصبح خطا رابعا وخامسا !
قبلها كان سعيد حوّل الحوار الوطني الذي قاده الاتحاد في 2013 وأحرز بسببه على جائزة نوبل للسلام إلى مهزلة أيضا فجعله لا حوارا ولا وطنيا في ما يشبه التخوين … ليس الأمر جديدا إذن فالرجل تعود على إهانة الاتحاد والنقابيين حين علم أن ما يقوله لن يثير أي رد فعل غاضب وجدي.. هي فقط كلمات لوم خفيفة لا تردع الرجل ولا توقفه عند حده تصدر عن الطبوبي الذي لم يعد احد يصدقه لا في لينه ولا في حدته.
ليس الأمر جديدا إذن فلا هي أول إهانة وبالتأكيد لن تكون الأخيرة غير أن المستجد هو أن قيس سعيد حسم أمره وبشكل رسمي .. أحال الجميع من خلال قرارته التسعة ليلة أمس من أحزاب ومنظمات وجمعيات على الهامش .هكذا .مررنا من الإهانة إلى الوطء وركوب الظهور التي انحنت منذ 25 جويلية.
قرر الرجل أن يصنع لنفسه وبنفسه نظاما سياسيا يسمح له بالاستيلاء الكامل على أجهزة الدولة والبقاء في السلطة إلى أجل لا يعلمه الا هو . فالانتخابات لن تكون إلا تشريعية اما منصب الرئيس فلا يمس.
ماذا يمكن للاتحاد أن يفعل بعد الاهانة ؟ وماذا يعني الآن هذا الخط الثالث حين قرر الرئيس انه ليس في حاجة إلى احد لا إلى معارضيه ولا حتى إلى أنصاره وبالضرورة ليس خائفا من احد لا من رافضي قرارته ولا من مؤيدي 25 جويلية الذين يختلفون معه ولا يعارضونه صراحة .
إن محنة الاتحاد اكبر من أن تتحملها قيادة انقلابية صدر بشأنها حكم ابتدائي ببطلان المؤتمر المهزلة وهي تعرف بلا شك في الوضع الذي نحن فيه إن السلطة صارت متمكنة من كل مفاصل الدولة وأنها تمسكه من رقبته التي سلمها لها حين تحالف معها من اجل تنفيذ قرار الانقلاب على الفصل عشرين من خلال المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي . الكل يعلم أن الاتحاد مهدد اليوم بحكم استئنافي ينهي مسالة شرعية القيادة الحالية او القادمة سواء صدر الحكم قبل المؤتمر 25 في فيفري القادم أو هو مؤتمر خارج الترتيب تماما لمن لا يعترف لا بالمؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي الانقلابي ولا بالمؤتمر العادي الانقلابي ايضا وتوقف العد عنده عند المؤتمر 23 في 2017.أو صدر بعده.
ماذا سيفعل الاتحاد اليوم والى متى ستتواصل كذبة نحن مع 25 جويلية ولسنا مع الرئيس في حين أن الكل يعرف أن الاعتداء على الدستور وعلى مؤسسات الدولة بدأ ليلة 25 جويلية ؟ . فكل من رضي بها أ و باركها يتحمل مسؤولية النتائج التي ترتبت عليها. انه من الغباء حقا أن تقبل المقدمات وترفض النتائج .
ماذا سيكون رد الفعل الاتحاد أمام الإهانة ..أمام الاحتقار وخاصة أمام الكارثة الاقتصادية التي تنتظر تونس ؟ فقيس سعيد مشغول بقراراته السياسية عن الوضع الاقتصادي فهو إما لا يعنيه أمره – فالبلاد اليوم لأول مرة في تاريخها بعد الاستقلال بلا ميزانية ونحن على أبواب سنة جديدة – أو هو لا يملك في الواقع له شيئا غير التغني بأمجاد صراعه أمام الكورونا التي هزمها وحده – ما شاء الله – على رأي رئيس حكومتنا التي لم نرها إلى اليوم إلا في مجالس الوزراء التي تحولت إلى قاعة لبث خطابات السب والشتم و الكراهية.
هل سيظل الاتحاد مهووسا بحكم قضائي حاسم يحكم على القيادة الحالية بانعدام الشرعية ومنصتا إلى صوت الناعقين داخله أولئك الذين يحركهم كره النهضة ويحسبون أن كل وقوف ضد قيس سعيد صريحا وواضحا سيستفيد منه النهضايون ؟ انه لمؤسف الحق أن تصبح "قوى قوة في البلاد" نمرا من ورق أو عملاقا ذا أرجل من طين جراء قيادة انقلابية مشغولة بمحنة انقلابها عن كل هم و فريسة أحزاب مجهرية لابدة في جحرالمنظمة تمارس عبر هياكل الاتحاد ألاعيب السياسة الرخيصة.