عندما قرّرت فرنسا إحتلال تونس سنة 1881، وضعت خطّة للإنقضاض على البلاد من عدّة محاور. من طبرقة، و من الكاف عبر ساقية سيدي يوسف، و من القصرين عبر حيدرة و من سوسة و صفاقس عبر البحر.
أعنف المعارك، بشهادة الفرنسيّين أنفسهم، حدثت في جبال خمير مع قبائل الشّمال الغربي و مع قبائل الفراشيش و الجلاص و الهمامّة في الوسط الغربي و مع متساكني مدينة صفاقس. قاتل أجدادنا الجيش المُحتلّ بصدورهم العارية و برجولتهم و شجاعتهم الفطريّة و لم يعبؤوا برداءة سلاحهم العثماني المهترئ و بتخلّي الدّولة، متمثّلة في الباي، عنهم.
لم يقولوا، فرنسا لديها بنادق حديثة و مدافع و آلاف الجنود و المرتزقة و البوارج الحربيّة فالمعركة خاسرة و من باب أولى أن نستسلم.....بل قاتلوا و قُتِلوا حتّى كتب الجنرال Forgemol في مذكّراته عنهم متعجّبًا من شجاعتهم!
ما أشبه الوضع وقتها بالوضع اليوم. أناس يلومون حراك المواطنين على فعل المقاومة بما إتّفق و كيفما إتّفق، متناسين أن هذه المجموعة ليست حزبًا و لا جيشًا و لا دولةً. هم هبّوا للدفاع عن هذا الوطن بما تيسّر من حناجر و من جهد عندما إنبطح أمام "المُحتلّ الجديد" أبطال الرّخاء و شجعان الكلام. النّصر، و على أهمِيته، ليس بأهميّة فعل المقاومة حتّى في المعارك الخاسرة!
من لم يفهم : "هذا الحصان و هذه السّدرة"...تفضّل !