الذي يخوض معاركه دائما بوجه مكشوف، يخوضها بعيدا عن منطق الربح والخسارة كان شوكة في منظومتي بورقيبة وبن علي وسجن في عهديهما ولن يُتعبه النضال اليوم ضد سعيّد.. والذي يتعرض الى التشويه والاستهزاء من البدون سير .
اقول لك :
لقد غضب مؤسس الاتحاد السوفيتى السابق فلاديمير لينين على المُنظِّر الماركسى كارل كاوتسكى، فهجاه بشدة فى كراس عنوانه (الثورة البروليتارية والمرتد كاوتسكى). نسي لينين أنه تعلم الكثير من كاوتسكى، الذى يُعده كثير من اليساريين الأب الثالث للاشتراكية بعد ماركس وإنجلز..
كل ما فعله كاوتسكى، وجلب لعنة لينين عليه، أنه بادر بمراجعة بعض الأفكار الماركسية التى آمن بها وشارك فى بلورتها، عندما خاب أمله فى مسار الثورة الروسية فى بدايتها، واكتشف أنها ظلمت من كان مأمولاً أن تُنصفهم وتكون ديمقراطية لهم، وديكتاتورية ضد الطبقات المالكة، ورأى أنها أعادت إنتاج ديكتاتورية القياصرة بطريقة أخرى.
حدث مثل ذلك بعد عقود للمفكر السورى الكبير إلياس مرقص ( 1927 - 1991 ) عندما لعنه رفاقه اليساريون، واتهموه بالارتداد لأنه استخدم عقله كما فعل كاوتسكى، واكتشف ما رأى أنه فى حاجة إلى مراجعة.
يعد مرقص أحد أبرز المثقفين فى الحزب الشيوعى السورى شرع فى إجراء هذه المراجعة، ونقد غياب الديمقراطية الحزبية، وطالب بترك الزهور تتفتح، فاتُهم بالارتداد الذى يُعد الجريمة الأكبر فى الأوساط العقائدية بمختلف مرجعياتها.
نظم قادة الحزب حملة تعبئة ضده، وأمعنوا فى تشويهه دون أن يردوا على ما طرحه، بخلاف ما فعله لينين عندما ناقش أطروحات كاوتسكى ..
وربما لم يتصور مرقص عندما راجع بعض الأفكار والمواقف الماركسية أنه يفتح طريقًا بقى السير فيه خطرًا لفترة طويلة، ويُشَّجع مثقفين وحزبيين يساريين على التفكير فى مُسَّلمات كان الاقتراب النقدى منها غير آمن ..