نحن خسرنا معركة سعر البيض لكن حرب الأسعار لم تنته وأتوقع زيادة أخرى قريبة كما في عدة مواد أساسية أخرى، الحكومة دخلت المعركة بسعر 980 مليما للحارة ثم تراجعت لتسعرها بـ 1100، لا مبرر لأن نكذب على بعضنا: منطق السوق والاحتكارات أقوى من الدولة، نخسر المعركة لأنها مزيفة طبعا، لأن الدولة لا تريد أن تذهب إلى الحلول الحقيقية مثل دعم إنتاج العلف محليا أو فتح المجال لكل من يريد توريدها لكي تكون هناك منافسة،
ما علينا، هذا يسمى micro، لنذهب إلى macro: ارتفاع الأسعار أغلبه مستورد بسبب تراجع قيمة الدينار أمام العملات الأخرى في بلد يستورد كل شيء تقريبا، من علف الدجاج إلى أبسط قطع غيار الفلاحة وحاجياتها مرورا بساشيات البلاستيك المرسكل، لأن "المنوال" الاقتصادي التونسي قائم على احتكارات تمنحها الدولة لمن هم فيها وتحميهم بالقوانين، مقابل الولاء أو الرشوة، ولذلك فإن مقاومة ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك هي مقاومة ساذجة للنتائج وليس للأسباب، بقطع النظر عن صدق النوايا، والكل يعرف أنها للاستهلاك الإعلامي الشعبي، مثال: القذافي قاد مرة تراكس لتدمير مقر شرطة الحدود بين تونس وليبيا تحت كاميرات الإعلام لتوحيد البلدين.
توه، نأتي إلى الأهم: ليس هناك عاقل لا يتوقع مزيد انخفاض قيمة الدينار نتيجة منطقية لعجز الميزان التجاري وعجز ميزانية الدولة بين المداخيل والإنفاق يغطى بالاقتراض المشط، تراجع قيمة الدينار مع ارتفاع متوقع في المواد الأساسية في العالم: الأغذية والنفط وكل ما يتعلق بهما، يؤدي إلى ارتفاع كلفتها عند التوريد، آليا: ارتفاع الأسعار في تونس، هذا اسمه تضخم الأسعار المستورد، لا تستطيع أن تقاومه بالقوة العامة ولا حتى الجيش أو المخابرات، ثم إن من ستحاربهم هم شكل من أشكال السلطة، وليس هناك سلطة تحارب نفسها،
باقي في المهم: 6.6% نسبة تضخم الأسعار تبدو للكثير من المطلعين أقل من الواقع مع كل الاحترام لخبراء معهد الإحصاء، يكفي الدخول في تفاصيل القطاعات أو حتى الجهات أو تغيير سلة الاحتساب لكي تظهر قيمة التضخم ressenti، أي ما تحسه في السوق، إلا أن المتوقع علميا، هو ارتفاعها بين 10 و12% في هذا العام باعتبار الزيادات المتوقعة في سعر المحروقات على الأقل، كما لو تم التخفيض بـ 10% من أجرك، مقابل خيار حكومي بتجميد الزيادات في الأجور للخمس سنوات القادمة، يعني "صعوبة الحياة والغلاء" عبارة غير مجدية لتوصيف هذه التوقعات،
أكتب هذا، متذكرا أن الدولة التونسية تملك نصف مليون هكتار من أخصب أراضي تونس لكنها تستورد غذاء 12 مليون ساكن حتى من البصل والبطاطا، فيما هولندا فيها 18 مليون ساكن على ربع مساحة تونس أغلبها مهدد بالغرق في البحر وتملح الأرض والماء، لكنها ثاني أكبر بلد مصدر للمنتجات الغذائية والزراعية في العالم وأحد أكبر مصنعي الآلات الفلاحية في العالم أيضا، أصلا، أنت كي عملت الـ happening متاع 25 جويلية على أساس أنهم كانوا فاسدين في عشرية فاسدة، كان عندك حلول؟ أنا أتوقع حارة البيض بـ 1600 قبل نهاية العام، جرب أقنعني بالعكس؟