14جانفي 2011 كنا في جلسة مفاوضة... في المحكمة وكانت هيليكوبتر تطير فوق الاتحاد العام التونسي للشغل..بالقرب منا.. قطعنا المفاوضة وخرجنا والتحمنا بمسيرة الاتحاد...
الصحافة العالمية تداولت يومها صورة للمسيرة تصدرها احد قضاة المحكمة الإدارية....الزميل ع ق... كان شعورا غريبا ان تكون جزء من السلطة وتشارك في مسيرة لإسقاطها…
لم نكن من المتضررين من نظام بن علي...ومع ذلك لا نشارك هذا الفرح الغبي بفشل الثورة ...لأنها لم تكن صنيعة حزب أو طائفة، بل صنعها الفقراء و العراة... واستفاد منها من يحفرون قبرها اليوم...وقائمتهم طويلة...
هذا ما لم يفهمه قليلو الفهم... لم يفهموا ماذا تمثل الثورة على نظام الحزب الواحد والشخص الواحد فعليا وليس قانونيا ...!! لأنهم يختزلون مواطنتهم في قليل من القمح...والملح... ودعوة لحضور احتفالات العيد الوطني بقصر قرطاج... هكذا!!!
لم يفهموا ما معنى ان تحلم بوطن متحضر ومتقدم.. و ديموقراطي.. وحر.... نعم شاركنا في الثورة رغم اننا... كنا نشتغل ونحصل على رواتبنا... ونشتري السيارات والمنازل بالتقسيط...ثم... ننتظر الأحد الرياضي لنؤثث حديث الاثنين الممل لاغير... لكننا كنا نشعر ان أمرا جوهريا ينقصنا…
كنا نشتغل وننعم باجر مقبول... لكننا كنا نقاوم من أجل قضاء مستقل.. وبسلمية ودون عنف.. حتى جاءت الثورة.. والهبت فينا مشاعر لم نكن نشعر بها.. انها الحاجة للحرية...والمواطنة الكاملة...
أفسد الأغبياء والانانيون الحلم...ويحاول الراكبون الجدد على الثورة.. الاجهاز عليها نهائيا... لكن يجب الا نستسلم...ليست رواندا ولا ساحل العلاج ولا البنين ولا تشيلي و لا البيرو أفضل منا…
لسنا سيئين لهذه الدرجة... حتى نرضى بأن نباع بهذا الثمن البخس…