عودة الدّيمقراطيّة وسائر المؤسّسات الدّستوريّة ، تحتاج هي الأخرى إلى معجزة، فليس من السّهل عودتها، رغم كلّ المطالبات المحليّة والعالميّة وآخرها تصريح الأمين العام للأمم المتّحدة " أنطونيوغوتيريش" الذي أثنى على الثورة التّونسيّة وبارك قيمها الدّيمقراطيّة وعبّر عن أمله في استعادة إطار ديمقراطيّ، يصلح لكلّ التّونسيين.
نحتاج إلى معجزة لترميم العلاقات بين التّونسيين وقد عصفت بها رياح الإنقسام الحاد، كما لم يحدث من قبل، وزاد من تأزيمها، إعلام إكاديميات التّجمّع، لايتوقّف عن إشعال نيران الإحقاد والازمات، ليقطع خطّ الرّجعة إلى مسار الإنتقال الدّيمقراطي والمؤسّسات الدّستَوريّة،انتقاما من الثّورة.
نحتاج إلى معجزة لإقناع المستثمرين من الدّخل والخارج للإستثمار في تونس، في واقع يكتنفه الغموض،ولا صوت يعلو فيه على صوت المعارك الوهميّة التي لا طائل منها وقد اكلت من الوقت الكثير على حساب مشاغل الناس الحقيقيّة وعلى حساب التّنمية.
نحتاج إلى معجزة تعيد الأمل للتّونسيين في مستقبل اقتصادهم وفي مستقبل عيشهم المشترك وأحوالهم المعيشيّة، وقد ظهرت ملامح الإخفاق على كلّ الصّعد، ومع كل يوم تكبر المخاوف من المجهول،ومن مشروع، يقول "ضبّ مفسّر" :إنّه لا يشبه اللّجان الشّعبيّة ولا يشبع "السّوفياتات" ولا يشبه النّظام المجالسي، وليس له مثيل في العالم...!!
مثل هذا الكلام كاف ليسلبنا الراحة والنّوم والإطمئنان ويعمّق المخاوف!! كيف نطمئنّ إلى مشروع لم يسبق أن جرّب في أيّة بقعة من العالم؟ وكيف لنا أن نطمئنّ إلى مفسرّين، لا يعرف لهم إسهام ولو بالقليل في الإقتصاد وفي السّياسة وفي الإعلام وفي الفكر عموما وفي الحقوق والحرّيات؟ فكيف لهم أن يظهروا فجأة وان يقّدّموا أنفسهم على أنّهم منظّرون وأنّهم سيأتون بما لم يستطعه الأوائل ولا معاصروهم في أيّة بقعة من الأرض؟