عاد الشّارع الدّيمقراطيّ ، الأحد 13 فيفري للإحتجاج من جديد وهو الإحتجاج التّاسع منذ إعلان التّدابير الإستثنائيّة التي حجبت ضوء الحرّيّة وألغت بجرّة قلم مسار الإنتقال الدّيمقراطيّ في مهد ثورات الرّبيع العربي وآخر حدائقه. منذ 25 جويلية، تاريخ إعلان التّدابير الإستثنائيّة، لم يتوقّف الشّارع الدّيمقراطيّ عن الإحتجاج للتّأكيد على مطالبه في استئناف الحياة الدّيمقراطيّة ووضع حدّ لمسار الإنقلاب عليها. ومع كلّ احتجاج جديد تتآكل مرويّة أنّ الشّعب منحاز بالكامل لمسار التّدابير الإستثنائيّة، ويؤكّد أنّ هناك صوتا آخر يريد عكس ما تريده التّدابير الإستثنائيّة.
جديد وقفة الأحد 13 فيفري انّها تزامنت مع صدور مرسوم حلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بآخر مؤقّت . أعطى المرسوم الذي صدر ليلة الإحتجاج،مستبقا الوقفة الإحتجاجية، ليؤكّد مقولة أن " لا تراجع"، أعطى الشّارع الدّيمقراطيّ دفعا جديدا، تضامنا مع القضاة في تمسّكهم بمؤسّستهم الدّستوريّة المنتخبة و بخيار استقلاليّة القضاء وبمبدإ التّفريق بين السٍلط.
إذا كان المرسوم قد حلّ مجلسا دستوريّا منتخبنا مهما قيل في دواعي حلّه، وإذا كان المرسوم يستبدله بآخر وإن قيل هو "مؤقّت"، فماذا بقى من استقلاليّة للقضاء؟! وهل يمكن أن نتحدّث عن استقلالية أصلا. يقول أحد النّشطاء البارزين في الشّارع الدّيمقراطيّ، إذا كان مبرّر الحل يعود إلى شبهات فساد حول بعض العناصر، فهذا يعني أنّ كلّ الوزارات وكلّ المؤسّسات ، يجب حلّها، لأنّها لا تخلو من فاسد او فاسدين، ليس في بلادنا وحسب، بل في كلّ بقعة من الأرض. فهل الحلّ في الحلّ؟ أم في تحصين الإستقلاليّة؟
وإذا كانت ذريعة الحل، تحقيق العدالة، أفلا تتحقّق العدالة باستقلال القضاء ؟وهل من الممكن الجمع بين العدالة ووضع القضاء تحت سلطة تنفيذيّة واحدة؟ علّمتنا تجارب التّاريخ وخاصّة في منطقتنا العربيّة، أنّه لم يحدث أن استقام الجمع بين العدالة وعدم استقلاليّة القضاء، كما لم يحدث الجمع بين الدّيمقراطيّة والإستبداد.