ما جرى اليوم على خلفية الجلسة التاريخية للبرلمان المغلق بالقوة العارية هو هدية حقيقية لمسار مقاومة الانقلاب و معركة استرجاع المسار الدستوري .
لأول مرة تتقدم مخرجات الانتخابات الشرعية في 2019 بمختلف اطيافها موحدة في قفص القمع الانقلابي المسنود بدون تبرير قانوني او دستوري من"المؤسسات الصلبة للدولة" و من قضاء " اعزل " من مجلسه الذي تم حله بالقوة العارية ايضا .
هذه خطوة متقدمة بهدية غير مسبوقة تضاف الى السقطات الحقوقية السابقة التي راكمها الشارع السياسي المناهض للانقلاب بعد ايقاف عميد الثورة و اختطاف البحيري و محاكمة احد اعلاميي الثورة وعدد من مدونيها و نواب من ائتلاف الكرامة و النهضة و امل وعمل امام المحاكم العسكرية و اصدار حكم على رئيس الجمهورية الاسبق الدكتور منصف المرزوقي في ظروف كاريكاتورية .
في المقابل لم يملك الرئيس قيس سعيد اليوم اكثر من تجديد الدعوة لاتحاد الشغل و العميد بودربالة لتذكيرهم انه لا يكتفي بوقوفهما معه على ارضية 25 جويلية بل انه يشترط عليهما الوقوف معه بلا مواربة على ارضية استشارة البناء القاعدي و مخرجاتها باعتبارها الاساس الوحيد لأي حوار " وطني " .
و بقطع النظر عن مدى استعداد " مؤسستي الرباعي الراعي لحوار دستور 2014 " القبول بهذا الشرط الذي ينسف اهم مكاسبهما فلا شك ان جميع المتابعين في الداخل و الخارج يدركون ان هذين المؤسستين لا يضيفان كثيرا في ميزان القوة لمنظومة 25 الفردية و لا يكفيان لتحقق شرطي " الحوار الشامل و الادماجي" و "عودة المؤسسات و المسار الديمقراطي " الذين تضعهما القوى الدولية والجهات المانحة و الذين يضمنان الاستقرار السياسي المطلوب جيواستراتيجيا لمواصلة دعم التجربة التونسية .
الوحدة التي تحققت اليوم بهذه الهدية الانقلابية تشكل ضمنيا قوة ضمنية امام ضعف حقيقي لانقلاب لا تقف معه الا كسور و فواصل لا تستطيع صنع قوة سياسية حقيقية الا بالقوة الصلبة للدولة التي لا تستطيع الذهاب بعيدا وهي عارية من اجماع سياسي و اطار دستوري لا يستر عريها فيه حتى " تزلبيط " حزب يزعم تمثيله لماما فرنسا او فاشية تدعي تمثيلها لمنظومة بائدة تصدعت .
لحظة فارقة تراكم تقدما مطردا في الفرز على قاعدة الديمقراطية لن تشوشها محاولات بعض اعلام وظيفي لا يعتد كثيرا برأيه في تقييم حقيقة الاسعار السياسية على صعيد توزيع القوى ....نواصل .