اذا كان ثمة مبرر للعن المجلس التأسيسي واحزاب الترويكا خصوصا و البرلمانين المواليين وباقي الاحزاب المشاركة في العملية الديمقراطية عموما، فيجب ان نلعنها بنوعية اعضاء الهيئات التي صعدتها ممن غدروا بالديمقراطية في اول دورة …
اعضاء الهايكا و الحقيقة و الكرامة كانت النهضة و المرزوقي و السي بي ار من اهم المساهمين في تصعيدهم حين كان هذان الحزبان و قياداته في قرطاج و القصبة و باردو " يفلحو" بقيادة هواة و غير عارفين بالبلاد و ناسها فكانوا ضحايا اختراقات لنكرات صنعوا سيرهم على اكتافهم و قادوا القرار السياسي للثورة و ساهموا في تصعيد اعضاء لقيادة هذين الهيئتين هانحن نرى ما فعلوا في الانتقال الديمقراطي و اهداف الثورة ...
اما بوعسكر و من معه في هيئة الانتخابات و ما يبديه حاليا من انحناء وقح للانقلاب فهم نتيجة لمنظومة حزبية في برلمانات لم تكن للاسف تعبيرا عن الثورة و طموحاتها.
اذا كانت العشرية الماضية سوداء فعلا فهي لم تكن سوداء على من يرددون هذا المصطلح من اعلاميي العار و سياسيي الثورة المضادة ...لقد كانت في الحقيقة عشريتهم ...فقد كانوا يحكمون بهذه الاحزاب التي تنتسب للثورة مثل النهضة و قبلها السي بي ار و لكنها كانت خاضعة لهم باياديها المرتعشة و المرعوبة امام ابتزازاتهم او حتى باختراقات تمت في سلطات قرارها الحزبي و هذا اصبح الان معلوما بعد ان تحقق الفرز...
لقد كانت عشرية سوداء على الثورة لا على المضادة التي حكمت ايضا بمعارضة مزايدة لأحزاب ادعت انها ثورية لكنها كانت مجرد واجهة وظيفية تم بواسطتها اختراق الصف الثوري …
الثورة و الديمقراطية اليوم هي التي يجب ان تندب حظها على العشرية السوداء بما نعنيه بسوادها لا بما يزعمون هم ...لقد كانت سوداء بأحزاب عجزت عن حماية الثورة و الديمقراطية و اخرى غدرتها و ها نحن نجني النتائج ..من يزعمون نقد العشرية السوداء يخادعون الوعي و يزيفونه فهم اكثر المستفيدين منها بل هم من حكموها و لكنهم ينسبون حكمها للأغبياء الذين كانوا فعلا لعبة في خديعتهم الكبرى …
انقلاب 25 جويلية لا يملك اي مقومات للاستمرار في الحياة
كل المعطيات الموضوعية تقول ان انقلاب 25 جويلية لا يملك اي مقومات للاستمرار في الحياة سواء على مستوى العجز الاقتصادي او على مستوى العزلة السياسية داخليا و خارجيا ...لكن لماذا يستمر ؟
هناك عوامل عديدة :
اولا :استفادته من انقسام سياسي حاد حول عددا من المنظمات و القوى و مربعات النفوذ المالية و الجهوية ونجوم البدون سيرة سياسية و تيارات الاستئصال والفاسدين و الفاشيين الى قوى وظيفية في خدمة هذا الانقلاب لاستغلاله في تصفية الانتقال الديمقراطي و قطع الطريق امام تشكل المشروع الوطني الثوري و الديمقراطي المقاوم للفساد و الثورة المضادة و رهن القرار الوطني والذي بالامكان تشكيله في سياق ديمقراطي بعد قراءة دروس الخيبات الماضية .
ثانيا : تردد القوة الصلبة و العقل العميق للدولة و القوى الخارجية في حسم امرها معه نظرا لضعف المشهد السياسي الديمقراطي وارتفاع مخاطر الشعبوية و الفاشية القادرة من جديد على الاستيلاء على الحكم حتى بالصندوق نظرا لما اضطلعت به بؤر اعلام الخراب من تكسير للوعي الشعبي و تسطيحه و من صناعة لطبقة سياسية رثة انتهازية غير قادرة على حماية الاستقرار في الديمقراطية .فضلا عن الدور الخطير الذي تلعبه دول مضاددة الثورة و الربيع الديمقراطي من تخريب كل اشكال الالتئام الديمقراطي .
ثالثا : العزوف الشعبي عن الاهتمام بالشأن العام و نجاح قوى صناعة الرأي و سيستام الاعلام الاسود في ترذيل السياسة و تجريم الثورة و كره الديمقراطية و نجاحها في افساد سمعة الصادقين من المناضلين من اجل الحرية و الكرامة و تجرؤ سقط المتاع السياسي و حفتريش الشعبوية عليهم .
رابعا : الاستعداد الغريزي لقسم كبير من الادارة و الاجهزة الى دعم كل مستبد يبدي عداءه لثورة 2011 و يعيد لبقايا النظام " هيبتهم " في ممارسة المظالم عبر مؤسسات الدولة دون حسيب او رقيب .
في كلمة واحدة : واقعة 25 جويلية مولود مشوه لا يملك مبررات الاستمرار في الحياة و لكن كم من نظم مشوهة حكمت عقودا في هذه المنطقة الممتدة من خليج القهر الى محيط العسف ...في امة تداركها الله تستمد وعيها من مسلسلات التفاهة و بلاتوات المغالطة ....و لله الامر من قبل و من بعد …