إزاء ما يجري الآن على الساحة الفلسطينية من تصاعد في مقاومة الاحتلال وتهويد القدس وتدنيس المقدسات، تتحرك خيوط المؤامرة من الرياض إلى عمان إلى القاهرة. يكفي أن نقرأ ما يلي:
*قالت صحيفة "تايمز إسرائيل" بأن عدة بلدان عربية من بينها مصر والعربية السعودية حثت الأسبوع الماضي محمود عباس على العمل من أجل تهدئة التوتر وحذرت من تصاعد جديد للعنف في الضفة الغربية والقدس. وأن هذه الدول تخشى من أن يشكل العنف بداية انتفاضة ثالثة، قد تقود إلى فقدان السيطرة على الشارع الفلسطيني وإعطاء شرعية لمنظمات إرهابية مثل حماس والجهاد الإسلامي" [13/10/2015[.
ذلك يعني فيما يعنيه أن تلك الدول وعلى رأسها نظام السيسي الذي يقدمه البعض على أنه عبد الناصر الجديد، وكذا النظام السعودي، يخشيان على الكيان الصهيوني من صعود حماس في الشارع الفلسطيني. بمعنى إسرائيل ولا حماس أو الجهاد الإسلامي، حتى وإن كان البديل هو المزيد من الاحتلال والاعتداء على المقدسات. لم ننس أن آل سعود هم داعمو ثورة 30 يونيو، بأموالهم ودعايتهم ودعمهم السياسي وقد صفق لفعلهم الديمقراطيون [ههه] من القاهرة إلى ساحة باردو.
وورد في صحيفة صوت الوطن التي تصدر برام الله أن ناتنياهو قد قال أمام الكنيست بمناسبة افتتاح الدورة الشتوية إن إسرائيل تقف على جبهة واحدة مع مصر والأردن في مواجهة ما وصفه بالإرهاب، وهدد بأن جيش الاحتلال سوف يضرب ما وصفه بالإرهاب على كل الجبهات مؤكدا على تعزيز قوات الجيش في القدس والضفة الغربية [12/10/2015]. الصحف الحكومية والمستقلة والمعارضة وجميعها موالية للنظام "الثوري" في مصر لم تعلق ولم تورد الخبر. لأنها لا تستطيع أن تكذب ما يقوله ناتنياهو، ولا تستطيع أن تفتخر بالتحالف بين السيسي وناتنياهو في محاربة "الإرهاب" الفلسطيني، ولا تستطيع أن تعلق لأن التحالف حقيقي، والمؤامرة على الشعب الفلسطيني هي المهمة الأساسية التي جيء بالسيسي من أجلها.
إن الشعب الفلسطيني يتعرض اليوم لمؤامرة مكشوفة يتم تنسيقها بين الكيان الصهيوني والنظام العسكري في مصر والكيانين الأردني والسعودي التي تلتقي جميعها ضد القضية الفلسطينية. بل أن مثل هذه المؤامرة ما كان لها أن تتم اليوم لولا نجاح المؤامرة التي التقت فيها تلك الأطراف نفسها ذات 30 يونيو 2013، ضد الثورة المصرية، وضد انتقالها الديمقراطي، بحيث تم الانقلاب العسكري بتمويل من آل سعود وتخطيط من الصهاينة، ومن ورائهم جميعا الأمريكان. وإلا تصوروا فهل كان لمصر تحت نظام وطني وليد الديمقراطية أن تقف ضد الفلسطينيين وهم يقاومون الاحتلال؟ بل وهل كان لآل سعود بمفردهم أن يجدوا الجرأة ليتآمروا على ثالث الحرمين الشريفين؟ وهل كان لمن كانوا يعتبرون القضية الفلسطينية قضية مركزية أن يصمتوا على تلك المؤامرة؟
إن كان للثورات -أو ما حسبناه كذلك- من فضل فهو أنها عرت أولئك جميعا، كشفت مؤامرات المتآمرين وزيف شعارات الثوريين، والتاريخ سجل ذلك عليهم. الفلسطينيون لن ينسوا ذلك.