بعيدا عن أوهام الشعبويات الحالمة و الوظيفيات المتربصة ؛ وبعيدا عن امعان بعض المقاومين للانقلاب في انتظار العسل الديمقراطي العاجل من القوى الدولية او الاجهزة العميقة المحافظة ؛ يجب على القوى الوطنية الديمقراطية الاستعداد الحثيث لنضال عقلاني دائم و طويل و مؤسس و استراتيجي لبناء تونس الديمقراطية القادمة بحتمية التاريخ ومقتضيات الواقع .
في انتظار ذلك لا يخرج العاجل حاليا عن الملاحظات التالية بلا ترتيب:
أولا : واهم من يتصور ان احدا من القوى المتنفذة في الداخل او في الخارج سيسمح بمرور " هبال " البناء القاعدي الجماهيري الذي تعبر عنه بعض حلقات المساندين لقيس سعيد من المجالسيين و يسار الاناركية المجنونة .
اما احلام القلب الجيواستراتيجي في تحالفات تونس الدولية بالتوجه روسيا او صينيا او فسح المجال لمغامرات جيش الكفتة المصري او عبث الصبيين بن زايد و بن سلمان كما يرجو ذلك بعض دراويش الحنين لنظم الاستبداد العربي المفوت فهذه اضغاث احلام مضحكة .
بناء الانقلاب لنظام استبدادي مغلق على الطريقة النوفمبرية هذا من عاشر المستحيلات ...بمن سيبنونه يا حسرة ؟؟؟؟
ثانيا : لا يبدو استمرار الفترينة الحالية للانقلاب مؤكدا لأسباب اقتصادية و اجتماعية و حتى لأسباب بشرية يكشفها المستوى الضحل للكوادر السياسية و الكاستينغ الانقلابي ( لم تشهد تونس تشليكا للدولة اكثر من هذه الاشهر الثمانية )
القطار الخفي اذن سيظهر قريبا بما يرضي عميقة صلبة ميالة الى ما تعتبره " دولة قوية " دون عودة الى بلادة الاستبداد النوفمبري و غبائه كما توصي بذلك القوى الدولية عبر شراكة محدودة للجميع بعد تشذيبهم و اقصاء مؤكد للفاشست و دراويش سياسة الصبية و لكن مع منع مؤكد لتبلور مشروع ديمقراطي وطني حقيقي كما نتصوره نحن في شارع المقاومة الديمقراطية للانقلاب …
الوصفة المرحلية اذن : نظام سياسي تسلطي منفتح او ديمقراطية متحكم فيها . هذه تقريبا الخلطة التي يعمل الخارج مع الاجهزة على انضاجها بعد استعمال " الانقلاب الاحمق " ككاسحة الغام لتنظيف الشوائب التي ملأت الساحة بعد عشر سنوات من ديمقراطية سائبة .
ثالثا : هذا التوجه الذي يشتغل عليه الخارج مع الاجهزة يقلق كل الاطراف المقابلة للشارع الديمقراطي كما هو واضح بما فيها الانقلاب الاحمق و انصاره و المنظمات والوظيفيين و الفاشية باعتبار ان هذه الاطراف تدرك ان هذه الخلطة ستنهيها .
هذه الوصفة على رفضنا لها نحن كمقاومين للانقلاب ستنهي بشكل او باخر الشارع السياسي المساند له لان هذه الوصفة تعتبر هذه المنظمات و الوظيفيين و الفاشية هي كلها من شوائب عشرية التسيب الديمقراطي و ليست ضامنة للاستقرار الذي تطلبه هذه الوصفة بما تسميه الديمقراطية المتحكم فيها .
رابعا : من الوارد جدا اعتماد (اي افتكاك ) خريطة قيس سعيد الزمنية من طرف القوى الدولية و الاجهزة مع تحسينها و مراقبتها و توفير الشروط لها لتنتج " ديمقراطية مقبولة و لكن متحكم فيها" تنهي وضعية " الانقلاب العاري " .هم يعلمون ان حدا ادنى من الشفافية في اي انتخابات ستجعل الجميع ممثلا بما في ذلك النهضة .وهذا ما سيجعل الانقلاب يتلكأ و قد لا يطبق حتى خارطته .
خامسا : من الناحية الاستراتيجية اذن كل السيناريوهات في صالحنا كمقاومين للانقلاب و في صالح كل المناضلين حقا من اجل الديمقراطية الفعلية شرط ان نتمتع بما يلزم من الصبر الاستراتيجي و ان نترك المنقلب و الوظيفيين و الفاشية و منظمات شهادة الزور يذهبون الى اقصى خياراتهم و شرط ان ننأى بأنفسنا عن كل تسويات الوصفة التي يتم اعدادها حتى يختنق بها رواد المجال السياسي التقليدي لنتوجه نحن الى العمل في مجال السياسة القادم و الجديد مع الناس ....الديمقراطية قادمة بالناس التي صمدت معنا في شارع مقاومة الانقلاب و بإصرارهم ستربح الديمقراطية ...بيدي لا بيد عمرو …