حتى نريح من يلوكون المضاغة لتخجيلنا ... فصل المقال والي عنده ريح يذريه ... تعالوا نتناظر …
المستحضرون باستمرار للاستقطاب مع النهضة ليسوا في مواجهة النهضة فقط بل هم في مواجهة الديمقراطية . هذه القوى الوظيفية و المجهرية المحمولة ظلما على التيارين العروبي و الاشتراكي انتهت عمليا الى ادوات يستعملها سيستام الاستبداد العربي الجاثم على صدور الشعوب العربية لمواجهة التيار الاسلامي باعتباره الرقم الاهم الذي يعادل الان بشريا في موازين القوى مع النظم ما بعد الكولونيالية .
التيار الاسلامي في العالم العربي يقود مقاومة الاحتلال الصهيوني في بلدين عربيين محتلين و هذا ما يجعله رأس الحربة في مشروع التحرر الوطني . سياسيا لا شك ان هذا التيار قد ارتكب اخطاء فادحة في عدد من اقطار الربيع العربي و على المستوى الفكري مازال يحتاج الى تجديد و ثورة كبيرة للمصالحة مع قيم العصر .
اما حركة النهضة التونسية ؛ورغم كثير من الانتقادات الموجهة اليها احيانا من ابنائها اكثر من خصومها؛ فهي اهم تجارب الاسلام الحركي الذي استطاع على مر عقود اربعة مواءمة التيار الاسلامي مع قيم الحداثة و الديمقراطية بفضل عدد مهم من نخبها النشيطة التي تكونت في المدرسة و الجامعة التونسية و انفتحت على احدث الافكار في العلمنة و الدين الاجتماعي و الوضعي و لعل رئيسها الاستاذ راشد الغنوشي مثل على امتداد العقود الخمسة الماضية احد القيادات المتميزة تماما عن باقي قيادات الحركة الاسلامية في المشرق و المغرب الاسلاميين بشهادة كثير من الباحثين الغربيين و العرب في الحركات الاسلامية .
وهو ما يجعلها بلا منازع او مزايدة في قلب الحركة الديمقراطية التونسية التي يزعم النطق باسمها ظلما احزاب وشخصيات ثبت في اول اختبار انقلابي بوضوح انها ابعد ما تكون عن الديمقراطية و التقدمية و الحداثة.
النهضة و كغيرها من احزاب الطبقة السياسية التونسية ارتكبت قياداتها كثيرا من الاخطاء التي اضرت بالانتقال الديمقراطي و مسار الثورة و هذا يمكن ان يناقش و ان يراجع . تتناسب هذه الاخطاء مع حجمها كما تتناسب بالضبط اخطاء احزاب اخرى ترقى الى درجة الخطايا حين نرى انها لم تدخر جهدا لا في الاضرار بالثورة و الديمقراطية فقط، بل بالتآمر عليها .
الاذرع التونسية لتيار الاستئصال الاستعماري الفرنسي ( الذي مازال يتحكم في القرار التونسي السياسي و الاعلامي و الثقافي) بالاضافة الى دور الاذرع الخليجية المرعوبة من التيار الاسلامي في بلدانها ..هذه الاذرع هي التي تستعمل القوى الفاشية للحزب الحاكم المنحل و تستعمل الوظيفية اليسراوية لتحويل موضوع حركة النهضة الى ذريعة للاستقطاب و التهجم على الديمقراطية و تخجيل و استهداف كل من يتحالف معها لان هذه الاذرع تعرف ان اي ديمقراطية ناجزة قادرة على فرض التوازن مع السيستام الاستبدادي ما بعد الكولونيالي لن تكون الا بمساهمة النهضة وهو تقريبا نفس الوضع في الديمقراطيات العربية الشبيهة في هشاشتها و جنينيتها للديمقراطية التونسية ( حين نتابع الجدل الاعلامي و نوعية الاتهامات و طريقة المحاججة و اشكال التعطيل و التهجم التي يتعرض لها حزب الله في لبنان ..و حماس في فلسطين من نفس التيارات المحمولة على الخلجان و الفرنسيس و التي تهاجم هنا النهضة... انها الوضعية التحولية في عالمنا العربي حيث لا يوجد اليوم سوى قوتين : السيستام الاستبدادي ما بعد الكولونيالي / الاسلاميون. ).
الخلاف الذي بدأت تعلنه مع الانقلاب القوى الفاشية و القوى الوظيفية ليس سببه الانتصار للديمقراطية، بل بسبب عجز الانقلاب عن انجاز المعركة التي ارادوه ان يخوضها مع النهضة .
من حسن حظ تونس انه قد نشأت على امتداد هذه العشرية قوى استوعبت الثقافة الديمقراطية و فهمت قبل الانقلاب بأشهر عديدة هذا التحالف الجهنمي بين الشعبوية و الفاشية و الوظيفية و كشفت منذ صراعات البرلمان ان الانتقال الديمقراطي مهدد بعبث الفاشية و دعم الوظيفية و تربص الشعبوية و ان كشف هذا التركيب ليس دفاعا عن النهضة و لا غيرها بل دفاع عن الديمقراطية وهو ما جعل وظيفيي البدون سيرة يطلقون على هذا الرأي اسم " مانيش نهضاوي و لكن " و من اهم من لعب على هذا الوصم انصار ما كان يسمى وقتها " الكتلة الديمقراطية " من ح الشعب و التيار في اطار استمتاعهم بالتحالف الموضوعي مع الفاشية و وصمنا بخدمة النهضة.
استطاعت هذه القوى بسرعة ان تتلقف اللحظة ليلة الانقلاب لحماية الديمقراطية واطلقت مقاومة الانقلاب بعد ذلك عبر حراك "مواطنون ضد الانقلاب" بما افسد على الفاشيين و الوظيفيين استعادة لعبة الاستقطاب مع النهضة و توظيف الانقلاب لاستئصال اهم شروط توازن القوة مع السيستام الاستبدادي .
لهذه الاسباب يظهر حقد الفاشية و الوظيفيين الكبير على "مواطنون ضد الانقلاب" و كل من انخرط في مقاومة الاستبداد باعتماد التحالف مع النهضة( انطلاق الهجمة على نجيب الشابي ) لأن ذلك ما افسد خطة الاجهاز على التوازن الديمقراطي الضروري مع السيستام الاستبدادي .
لم تكن " مواطنون ضد الانقلاب " لقمة سائغة فليست قياداتها ممن يسهل حشرهم في الزاوية عبر الوصم بالإرهاب او الفساد و المشاركة في الحكم في عشرية " الفشل " كما يسمونها، بل هم مكافحون تاريخيون من اجل الديمقراطية يعرفون جيدا السير السياسية للفاشست و الوظيفيين منذ سنوات مقاومة الاستبداد و يملكون جيدا مفاتيح خياناتهم اما مناكفتهم في مسائل الفكر و الحداثة و التقدمية فهذه مهارتهم .
تحالف الوطنيين مع النهضة و جماهيرها من ابناء هذا الشعب المستضعف للدفاع عن الديمقراطية هو الطريق الامثل لبناء تونس القادمة و انقاذ الثورة من براثن الاستبداد و المؤامرة فالنهضة في اغلبية قياداتها وجماهيرها اثبتت انها اكثر التيارات السياسية الايديولوجية التي تصالحت مع التعددية و حق الاختلاف على عكس تيارات ايديولوجية اخرى من ماركسية او عروبية مازالت مشدودة الى الاقصاء تحن الى نظم مخابرات العسكر و معتقلات سيبيريا و الغولاك .
اما تهم العمالة و خرافة الربيع العبري فلا يمكن للتيار الاسلامي الذي يقاوم الصهاينة في بلدين محتلين ان يتحول الى عميل في تونس دون ان يتم كشفه . تهم الارهاب و الفساد بقيت مجرد اتهامات كنا نعلم انها مرسلة عجز و سيعجز من اطلقها عن اثباتها، بل ان مطلقيها هم من نعلم عنهم غوصهم في العمالة و الفساد فهل هناك اكثر عمالة و فساد من الوظيفيين و الفاشيين في تونس و في سائر العالم العربي ؟