تأسيّا بسنّتكم الحميدة في نسبة الأمور للمجهول أقول:
- تلفّون منذ ما يقارب الثلاث سنين على الثكنات العسكرية والأمنية في سوابق لم يسبقها اليكم أحد، وتلقون في الضباط والعساكر والأعوان والجنود خطبا سياسية تنعتون خلالها خصومكم السياسيين بأقذع النعوت ثمّ تتهمونهم "هم" بالسب والشتيمة وهتك الأعراض، وماذا تسمّون يا ترى عبارات من قبيل المنافقين والخونة والمخمورين والحشرات ومجاري الصرف الصحّي والعملاء المأجورين.
- تكثرون من الحديث عن تطبيق القانون على الجميع، وتنسون أنّكم انتهكتم على نحو غير مسبوق، القانون الاعلى في البلاد، ألا وهو الدستور، فهل للقوانين معنى اذا كان القانون الأعلى قد تحوّل إلى خرقة بالية بلا قيمة أو مضمون، وغابت ادوات الرقابة والتعديل، وتحوّلت الأوامر والمراسيم إلى فرمانات وأوامر عليّة لا يجوز التشكيك فيها أو الطعن.
- ما فتئتم تكررون ردّ الأمر إلى صاحب السيادة، أي الشعب، فيما تجعلون الأمر كلّه في يد فرد واحد أحد لا شريك له في الحكم عبر استحواذه على جميع السلطات والقرارات والتعيينات، حتى لم يعد يرى من الشعب غير "هتّيفة" الحراك و"زمّيرة" الحشد.
-قلتم للناس انكم اجتماعيون منحازون للفقراء، فلّما حزتم الأمر بدا برنامجكم ليبراليا متوحشا يعمل على رفع الدعم وتجميد الاجور والتوظيف في القطاع العام وقد ألهبت سياستكم الأسعار وأصبح عيش المساكين نار على نار.
- جرّمتم التطبيع قبل التمكين فَلَمَّا تمكّنتم تحالفتم مع المطبّعين ورفضتم استقبال المقاومين بل لم تصدروا بيانا يدين المحتلين وأقدامهم النجسة تدوس سجّاد الأقصى ورصاصهم في الحرم يغتال المصلّين.
وأخيرا تتساءلون كيف صار خصوم الأمس أحلاف اليوم وليس الفضل في هذا إليهم، بل إليكم إذ أَلَّفْت سياساتكم ومواقفكم المتناقضة بين قلوبهم وأصبحوا بنعمته إخواناً…وتستنكرون عليهم تواصلهم مع الخارج فهل كففتم أنتم عن الاتصال به ومساعيكم لإقناعه بأن الحدث لم يكن انقلابا وبأن الحرص على ودّهم أكبر من الأمس، حتّى عاد الاحتلال حماية لو تتذكرون..