اعلان الاستاذ احمد نجيب الشابي اطلاق مسار بناء جبهة للخلاص الوطني بعد التفاعل الايجابي الذي لقيته مبادرته من أحزاب و مكونات مواطنية هو خطوة مهمة و لكنها ستكون و يجب ان تكون مفتوحة لمزيد التشاور و التفاعل مع اوسع القوى الوطنية و كثير من الشخصيات و الكفاءات الوطنية لبلورة المضامين التي تهم الناس وخصوصا على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي...ان من مظاهر تجديد السياسة ان تجدد في منهجيات البناء .
البناء على المضامين الدقيقة و الواضحة ادوم من بناءات تسرع في الشكل قبل المضمون فلا تدوم ولا تنفع .لذلك يكون اعلان البناء هو اعلان مسار . وفي المسار قراءة و اعتبار و حسن مقاربة و تسديد.
من المهم ايضا الاشارة و الالتزام بأن مسار البناء سيكون مع الناس و في اعماق الجهات حيث يوجد المعنيون الحقيقيون بنصرة مسار انتقال ديمقراطي طالما اهمل مجالا سياسيا غير تقليدي يعج بالطاقات و المثقفين العضويين الحقيقيين والنشطاء الملتصقين بهموم المواطنين الحقيقية وحصر نفسه في بوتقة نخبة المركز المترهلة فانتهى الى وضع ضعيف ليسهل الانقلاب عليه . في اعماق الجهات نخب و مثقفون ونشطاء حقيقيون هم منجم تجديد الطبقة السياسية وتشبيبها.
يجب ان نكف عن وهم الاكتفاء بالبناء مع العناوين الخاوية لمشهد سياسي تقليدي لم يراكم كثيرا و الحق يقال في سجلات النجاح احزابا و اشخاصا . و يجب الكف عن وهم اللهاث وراء رضى ما يطلق عليه بمجتمع النخبة و الطبقة السياسية المعزولة في مركز نخبوي مزيف يحتكر مشهدا لم ينتج باستمرار الا ازمة الصراعات الخاوية و الاخطاء القاتلة في مسار ثوري حاصرته المؤامرات لكنه كان ايضا ضحية من تصدروا لقيادته وادعاء النطق باسمه من احزاب تقليدية و شخصيات مستهلكة .
لقد كانت الدروس والعبر كبيرة تلك التي استخلصناها من تجربة " المبادرة الديمقراطية : مواطنون ضد الانقلاب" على امتداد هذه التجربة الكفاحية الميدانية مع حرائر و احرار شارعنا السياسي الشريف الذي تعبأ طيلة تسعة اشهر دفاعا عن الحرية و الديمقراطية حين خذلتها نخب دعية و مشهد سياسي ومدني تقليدي بلا روح.
ان اول الدروس التي تعلمناها هي اهمية المراهنة على الناس و اراداتها الصادقة بالاضافة الى الانصات جيدا الى نخبنا الحقيقية و مثقفينا العضويين وقادتنا الفعليين الموجودين في قلب الجماهير مع الناس في الجهات و حتى في العاصمة خلف الاضواء حيث لم تتح لهم شهرة كثيرة امام عدسات التصوير و ميكروفونات الخطابة وبلاتوات الردح السياسي على امتداد عشر سنوات وان كان اثرهم ظاهرا في الكتابات الرائعة وصنع الرأي وتنوير العقول على هذا الفضاء فضلا عن ظهور اثر مدونين و صناع محتوى ابدعوا في محاصرة الرداءة و اكاذيب الاعلام التقليدي للثورة المضادة و فلولها من الفاشيين و الوظيفيين و الشعبويين .
بهؤلاء تبنى الجبهات بروح جديدة و يكون الخلاص بعقول متبصرة ونحن في مواطنون ضد الانقلاب سنبقى مصرين على ان شارعنا المتألق و نخبنا الجديدة و قادة راينا و مدونينا و شبابنا وشاباتنا بالخصوص و سائر احرارنا و حرائرنا الذين وقفنا بهم و معهم وقفات العز المتتالية في مواجهة الانقلاب عزلا بقبضات مرفوعة و حناجر صادحة لنقدم شهيدا و مختطفين و ملاحقين ...هؤلاء سيبقون هم مصدر توجيهنا و كتبة نصوصنا وقادة افكارنا ورعاة جبهاتنا وهذا ما نعنيه بالضبط حين نقول اننا نريد تجديد الطرح كما تجديد الطبقة السياسية …
بهذه الروح نحب ان تبنى جبهة الخلاص و تقديرنا ان الاستاذ نجيب الشابي احد القادة التاريخيين في معارك الحرية ينصت باستمرار الى هذا الايقاع الذي نحرص على تقديمه في مواطنون ضد الانقلاب...تجديد المنهج والخطاب والكادر السياسي مع الناس ووسطهم ...مقاومة الانقلاب هي بناء المستقبل لا الخصام مع الماضي او من اجله .