أعتقد أن مسألة فرضية المرض النفسي لرئيس الجمهورية حان لها أن تخرج من الكواليس والغرف المغلقة للفضاء العام، في إطار الحق في الشفافية، في أدنى تأسيس.. ما ورد في التسريب المنسوب لمديرة الديوان السابق، يؤكد جدية المسألة غير مستجدة التداول في الواقع.. واليوم من حقنا كمواطنين الاستعلام في كنف القانون وأخلاقيات الطب على صحة رئيس الدولة سواء كانت الصحة الجسدية أو النفسية.. هذا حقنا.
هذه المطلبية تتعزز أكثر أمام حالة الديكتاتورية الدستورية (كما يسمي الفقهاء حالة الاستثناء التي خرج سعيّد أصلا عن حدودها)، عبر استفراده بكل السلطات، وغياب أي شكل من أشكال الرقابة السياسية المؤسساتية: لا برلمان ولا محكمة دستورية.. ومع ضعف ثقافة النخبة الطبية في المبادرة أمام محافظتها في التعاطي مع الشأن العام وبالخصوص في هكذا مسألة.. على خلاف الحالة الأمريكية، حينما حذر آلاف أطباء النفس علنيا من اعتلال الصحة النفسية لترامب، بل وصدر مؤلف يتضمن مقالات علمية حول حالته باعتبارها تهديدا للأمة والديمقراطية.. هذا دور النخبة العلمية في التشخيص الأولي تأسيسا، وثم دور النخبة السياسية في التحذير.. لأن قيادة البلدان ليست لعبة.
فرضية مرض الرئيس بمرض نفسي هي مسألة مسكوت عنها منذ صعوده لقرطاج، البعض اعتبر المسألة من قبيل التشويه أو التضخيم، والبعض ربما بالغ في حدة المرض المنسوب، وهذا ما يجب أن ينتهي لأن حالة الغموض لا تخدم أحدا.. المسألة تستوجب اليوم توضيحا شافيا من قصر قرطاج بل بنشر تقرير طبي موجز وفق أخلاقيات الطب وذلك في إطار الحق في الشفافية.. كما تستوجب هذه الحالة في صورة رفض ذلك مبادرة أطباء النفس والمتخصصين لطرح المسألة لدفعها لدائرة الضوء ودفع الجمهور العام للسؤال عن قدرة من انتخبوه على القيام بواجباته .
لأن تونس اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة لأيادي أمينة تقودها.. ولأن الديمقراطية التي يدّعي رئيس الدولة الالتزام بها تقتضي ضمان حق الناخبين في الاستعلام عن مدى استمرار توفر الكفاءة الجسدية والنفسية للمنتخب خلال عهدته.. ولأن "المؤامرة الحقيقية" على تونس هي في غض البصر عن كل ذلك!
في اليوم العالمي لحرية الصحافة..
في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ومع تراجع تونس 21 مرتبة في ظرف عام واحد في مؤشر الصحافة الحرة.. لا يجب أن ننسى أن رئيس الجمهورية ومنذ صعوده لقرطاج قبل سنتين ونصف.. لم يقم بأي حوار صحفي مع أي وسيلة إعلام محلية عدا حوار التلفزة الوطنية بعد مائة يوم من رئاسته والذي كان التزاما منه في المناظرة الرئاسية.
رئيس دولة يرفض الحوارات الصحفية وتلقي أسئلة ليست على هواه ويفضل أن يخاطب شعبه بما يشتهيه هو فقط.. هو رئيس يخشى المساءلة.. والمواجهة.. وحواراته مع الإعلام الأجنبي على قلتها وطابعها الدعائي كحواره مع فرانس 24 تبيّن تهافت أفكاره وضعف حججه.. رئيس لا يريد أن يخاطبنا إلا كأنه واعظ مرسل لقرية منه السمع وعلينا الطاعة .
في الأثناء سعيّد الذي يرفض الحوار مع الإعلام المحلي.. للمفارقة هو من لم يعرفه الناس إلا عبر حواراته الصحفية قبل 2019 وخاصة حينما كانت تستضيفه أخبار الوطنية ليحدثنا عن الحمار والآتان أو قصة الضب والأرنب والثعبان.. أو قصة الغراب والثعلب.. كان علينا أن نفهمه من أمثلة هذه الحيوانات.. الحمار، والثعبان، والغراب، والثعلب.
العميد بودربالة…
العميد بودربالة سيغادر عمادة المحامين في جويلية المقبل يعني بعد 3 أشهر فقط، أرجو فيما تبقى له من عهدته أن لا يورط المحاماة والمحامين الآن في مشروع هلفوت مجلبة للعار في إطار التوجه السلطوي لرئيس الدولة.
سيد العميد ماك قلت متحبش تقحم المحاماة في المشاريع السياسية وتوظيفها وكذا والشيء.. يا ليت متورطناش في اللجنة العليا لبناء الجمهورية الثالثة والارتفاع الشاهق غير المسبوق في التاريخ.. إذا الهيئة متحركتش ضد الانتهاكات وعاجبها مسار 25، ما فيها باس تكمل نومتها وتقعد فرايجية.. هكا خير ما نوليو فرجة في التاريخ القديم والجديد.