حقيقة لا لبس فيها تفرض نفسها كلما تقدمنا (زمنيا) نحو المواعيد التي حددها قيس سعيد (25 جويلية، 17ديسمبر…) بعد ان تكشفت « مهزلة « الاستشارة الالكترونية: لا يبدو يقينا ان مشروع قيس سعيد الذي قطع شوطا في ارسائه عبر هدم مؤسسات دستورية وتعطيل دواليب الدولة وتركيز جميع السلطات يستند (كيفما يتم ترويجه) الى قاعدة شعبية. ولعل مثل هذه التظاهرات التي يدفع بها لمساندة مشروع غامض وخطير تكشف مدى عجز السلطة المطلقة على حشد الحد الادنى من التأييد المجتمعي الواعي.
ومن الاكيد ان ما ينتظر البلاد على انقاض ما تم هدمه او تقييده او تجميده (حل مجلس النواب والمجلس الاعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين الخ…)ربما سيكون اكثر خطورة وتأثيرا على مصيرنا في غياب أي علم او وعي وبالأحرى أي حوار او تداول فيما تستتبعه اجراءات الاستفتاء والانتخابات التشريعية القادمة.!
فهل نحن فعلا مدركون لحجم الكوارث المنتظرة ، لا فقط على مكاسبنا وحقوقنا وحرياتنا التي الغيت او ارتهنت ، بل ايضا على معيشتنا وقوتنا ومستقبل بلادنا!؟
لا شك ان الخروج من الازمات التي تعصف بالدولة وتهدد كيانها يستوجب شروطا وضمانات واستعدادات نحن أبعد عنها الان من أي وقت مضى.
فمن الواضح ان تجربة الحكم الأخيرة التي تميزت بالانفرادية والارتجال والانغلاق فضلا عن الخروقات الخطيرة للدستور والقانون والضمانات المرتبطة بالحقوق والحريات قد أغلقت الأبواب امام الحلول التوافقية وعملت على تغذية الصراعات والتوترات وتوسيع الانقسام بين التونسيين.
ولا يبدو ان الأمر سيؤول قريبا الى الانفراج وسط ما تعرفه البلاد من انهيار اقتصادي وعدم امكانية الالتجاء الى مؤسسات مستقلة للحسم او التحكيم بشأن الصراعات المترتبة عن التدابير الاستثنائية فضلا عن تمادي قيس سعيد في الاعتماد على اجهزة الدولة وقوتها في تنفيذ ما تبقى من مشروعه.