ماذا لو لم ننقذ بلادنا؟

المؤشرات الراهنة تثبت أن الأسعار ستلتهب أكثر، وأن الدينار قد ينهار في أي لحظة، وأننا بصدد انتظار قرار صندوق النقد كما لو أننا في انتظار معجزة من الصعب أن تحدث، وإن حدثت فقد تكون مجرد تسكين آلام أو خطوة أخرى نحو الانحدار، فوصفات صندوق النقد الإنقاذية عادة ما كانت على الشعوب التي اضطرت للقبول بها كارثية…!!؟

طيلة السنوات العشر الماضية، التي يسميها أنصار 25 جويلية والمتواطئون معهم، "العشرية السوداء" رغم أن بلادنا لم تعرف خلالها كما عرفت بلاد أخرى ولله الحمد أي حرب أهلية أو سيلان دماء (إلا الحالات الارهابية التي ضربت جميع الدول)، صرفنا أكثر بكثير مما أنتجنا، بل لعلَّ الثابت في سياسات جميع الحكومات هو الاستجابة لضغوط المطلبية النقابية، وكان الأمر يتم من خلال الإقبال على المديونية بحجّة الحالة الانتقالية، وكانت الجهات المقرضة والمانحة متعاطفة معنا بسبب الديمقراطية، ولا شيء غير ذلك.

كان اتحاد الشغل يعامل الحكومات الديمقراطية المتعاقبة بلا رأفة، وكان يستغل الطابع الديمقراطي حتى الثمالة، كما لو أن النظام "استبدادي" يدّخر لنفسه ولا يرأف بالشغّلية، وكانت المزايدات النقابية تبلغ مداها كالعادة في ظلّ الحرية، فيما تركن وتستكين ساعات الشدّة والعسرة، وهكذا نراها اليوم تراوح بين الرضوخ للأمر الواقع والمسايرة، ومن الاستئساد على الحكومة أصبح الاتحاد يطلب للحكومة الدعم والتفهّم.

ما سيحصل إن لم تجد البلاد سبيلا للإنقاذ الاقتصادي عبر برنامج ينشد خلق الثروة والعودة الى مواطن الانتاج وتقاسم التضحيات، فإننا سنعود غصبا عنا الى الوضع الذي ينسجم مع حقيقتنا الاقتصادية، بالزيادة في الأسعار وانخفاض الدينار، فضلا عن ايقاف الانتداب في القطاع العام، بل تسريح الموظفين والعمال وحتى تخفيض الاجور، فان لم يلطف بِنَا الله ستنهار الصناديق الاجتماعية ومنظومات انتاج السلع الاساسية والضرورية وغيرها من التداعيات الاجتماعية..

وفيّ ظل هذه الصعوبات والتحديات التي لم يسبق أن عرفتها تونس منذ الاستقلال، يواصل الحاكم بأمر الله العيش في كوكبه ومع قضاياه الأثيرة إلى نفسه والخاصة جدّا به وبأمثاله من المواطنين الصادقين والمفسرين ، ومع جوقة مطبليه ومزمّريه وهتّيفته، من قبيل الدستور الجديد والعصر الجماهيري القادم والاستشارة الشعبية غير المسبوقة والاستفتاء لذي لم يسبق للشعب أن عرف له مثيلا..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات