ما أروع عيناه الخضروتان المتلألئتان كنجمتين في اللّيل البهيم و ما أجمل حركة جفنيه حينما يغلقهما و يفتحهما ببطء تعبيرا عن رسالة حبّ و امتنان و ما أعذب صوت موائه حينما يطلب بلطف طعاما أو فتح باب موصد مشيرا برأسه إلى الكوبة ليركض متّجها إلى الحديقة أو ينفلت إلى الشارع ليعود سريعا تحت تهديد قططه الّتي لم تقبل هذا الضيف المدلّل الجديد.
إنّه قطّي فيليب الّذي وهبتني إيّاه جوليات المسنّة و الّتي صار يتعذّر عليها رعايته و قد بلغ من العمر سنة واحدة، فعلت معه كلّ جميل إلّا شيئا واحدا أسقط كلّ ما قامت به تجاهه في الماء ، كيف لا و قد أخصته!
قبلت الهديّة برغم علمي برفض زوجتي القطعي بوجود قطّ أو قطّة في المنزل و قد كان ردّ فعلها كما كان متوقّعا بل تجاوزه إلى حدّ تهديدي بمغادرتها البيت إن أصررت على بقاء القطّ لتقبله في النّهاية على مضض بعد أن شاهدنا بأمّ أعيننا دمعتين تسقطان من مقلتيه و قد قفز إلى أعلى شجرة اللّيمون محتميا من هؤلاء الأغراب الجدد.
و من عجائب الدّهر أن صار فيليب ينافسني في مكانتي في قلب زوجتي و صرت أغير بعض الشيء من معاملتها له، أحبّته حبّا صادقاً و أحبّها حبّا صادقاً ، إنّه الصّدق كما تراه مجسّما في واقع الكذب المفضوح الصّارخ و المشاعر المعلّبة المزيّفة كتلك النقود المزيّفة الّتي كنّا نتدرّب عليها و نحن صغار و صرنا نتعامل بها اليوم و قد بلغنا من العمر عتيّا!
إنّها البراءة في أبهى حلّتها في واقع الزّيف و التزييف و الدّجل و الخداع.
يكذبون كما يتنفّسون و كبيرهم تمادى في ذلك و تجاوز نصائح ڨوبلز و دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية في الكذب.
يقولون بأنّ عجائب الدّنيا سبعا و أدّعي بأنّها تسع!
الثّامنة حبّ زوجتي لفيليب و التّاسعة وجود من مازال يصّدق رئيسا كذب و يكذب و يستمرّ في كذبه ، حنث القسم و خدع الجميع!
ما أبشع عصرنا الموحش حينما تغتصب كلّ المعاني الجميلة.