اليوم وتونس تستعد لاستفتاء حول دستور أحادي لايعترف بالسلطة القضائية كسلطة مستقلة ويؤبد الوضع الراهن المفتقد لأدنى الضمانات للقاضي المستقل الحامي للحقوق والحريات، يدخل القاضي السيد محمد الطاهر الكنزاري يومه الثاني والثلاثين لإضراب الجوع ويدخل كل من القاضيين السيد قيس الصباحي والسيد أحمد العبيدي يومهما الثامن عشر بعد أن أنهك الإضراب قبلهما القاضيين السيد حمادي الرحماني الذي لازم المستشفى لأيام لتدهور صحته والسيد رمزي بحرية الذي أنهك جسده إضراب الجوع وأجبره الأطباء على رفعه.
اليوم ليس للقضاة سوى أجسادهم و أقلامهم للدفاع عن استقلالية القضاء وقد شهد العالم بأسره الظلم والجور الذي لحقهم وزلزلت زيارة موفد الاتحاد الدولي للقضاة وتقريره المفصل منصات المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية التي ساندت قضاة تونس.
ولا يزال السؤال محيرا لم ترفض تونس استقبال المقرر الخاص لاستقلال القضاء للأمم المتحدة الذي عبر عن موقف قوي وحاسم من الأزمة القضائية في تونس؟ وأستعير هنا عبارة الرئيس الشرفي للاتحاد الدولي للقضاة هل لدى السلطات التونسية ما تخفيه عنا فترفض لقاءنا؟ وهو نفس السؤال الذي أعتقد أن المقرر الخاص يطرحه بإلحاح.
اليوم لا لغة خشبية تذر الرماد على العيون في الداخل والخارج ولا أطراف وطنية أو دولية يمكن سفسطتها بما يروج هنا وهناك وعبر المنابر والصفحات الموالية جهارا نهارا من محاسبة وطي صفحة الماضي وعشرية سوداء وغيرها من السفسطة الدوغمائية التي لم تعد تنطلي على أحد.
اليوم ينتظر القضاة حلا سياسيا بيد الرئيس وحده في إلغاء المرسوم المعدوم عدد 35 وفي إلغاء أمر الإعفاء عديم السند وعديم الشرعية أقول بيد الرئيس وحده لا الحلقات الضيقة والموسعة والشقوق والأحلاف، وينتظرون كذلك البت من محكمة يفترض أنها محكمة الشرعية ولا توالي أي نظام سياسي مهما كان في سبيل النطق بالحق فالحق يعلو ولا يعلى عليه.
قضاة تونس أنتم شامخون وستبقون وسيدون التاريخ بأحرف من ذهب نضالاتكم وصمودكم والبقية مارون عابرون.!