بعضهم ألماس، وبعضهم ذهب، وبعضهم فضة، وبعضهم نحاس، وبعضهم قصدير، وبعضهم حديد8 وبعضهم صديد.
لكن بعضهم خليط من ذهب وقصدير مثلا. إذا نظرت إليه من جانب وجدته ذهبا خالصا، وإذا نظرت إليه من جانب آخر وجدته معدنا رخيصا. هكذا أنظر شخصيا إلى كل من لطفي بوشناق ولامين النهدي. ولي مع كل منهما تجربة معاينة. الأول في مطار دار البيضاء(الترهدين) والآخر في أحد نزل مدينة دوز(الغرور والتكبر)، فضلا عما يمكن لأي ملاحظ الوقوف عليه بسهولة عن شخصية كل منهما من مجمل حضورهما في الساحة الفنية على امتداد ما لا يقل عن عقدين أو ثلاثة.
يمثلني رؤوف بن يغلان في نقده الصريح وجها لوجه للمين النهدي(استنزاف صورة نمطية دونية لا أخلاقية ولا موضوعية عن الريفي)، دون أن تمحي من ذاكرتي جملته الطريفة الشهيرة(جملة منصف ذويب): قرا قرا قرا هههه.
أما لطفي بوشناق فتنطق عنه جباته الحمراء والخضراء في عكس لمنطق الطبيعة: ننظر للدلاعة (وهي منغلقة) خضراء، ثم نفتحها أو نقصها فتنكشف لنا حمرتها، وليس العكس، وتدنيسه لرسالة الفن السامية بأشعار غنائية رهدانة، وتحوله من "أحنا الجود، أحنا الكرم"، إلى "شفتك ما نعرف وين" وإلى "خذوا المناصب والكراسي لكن خلولي الوطن..." في تعفف كاذب عن الجاه والسلطة، مستكثرا على أبناء الدواخل زمن الانتقال الديمقراطي المشاركة في قيادة بلدهم. ومع ذلك لا ينكر أحد طاقته الصوتية الجبارة التي لا تتناسب مع شخصيته الرهدانة المهذارة.
أخيرا، إنه مما يضعف مستوى الأداء الفني هو ابتعاده عن معيار الجمالية التي هي له خالصة، ليغدو أداة ركيكة لخدمة أجندات سياسوية منحازة لا تحترم تركيبة الجمهور المتنوعة وتعدديته المشروعة. فإذا كانت السياسة مما يفرق الناس، فليكن الفن والصلاة مما يجمعهم.