هل تريدون أن تعرفوا أحد أسباب الخراب الإعلامي في تونس؟ ساهل: موقع قناة التاسعة (اعتذر للسادة في قناة نسمة عن الخطأ غير المقصود) ينشر خبرا: "أفادت نقابة إقليم الأمن الوطني بتونس، اليوم الخميس 18 أوت 2022، أنّه على إثر تسجيل العديد من التشكيات في المدة الأخيرة من العديد من المواطنين بشأن التجاوزات من قبل البعض من سائقي سيارات الأجرة…"،
بأي حق قانوني أو إداري تنتحل نقابة الأمن التصريح بإجراءات إدارية تختص بها القيادات الأمنية تنفيذا للقانون؟ يعني لما يترشح لمكتب نقابة أمنية عون أمن برتبة حافظ أمن، هل تصبح له سلطة على رؤسائه من القيادات الأمنية برتبة عميد فما أكثر ويتحدث باسمهم؟
هل أن "الحقائق" المتأتية من العمل الأمني عند النقابة أم القيادة؟ ثم من سمح لممثلي النقابات الأمنية بالخروج عن القانون المنظم للعمل النقابي المحصور حتما في المسائل الاجتماعية لمنظوريها في علاقتها بمشغلهم وزارة الداخلية؟
هل نتوقع مثلا أن تصدر نقابة موظفي وزارة الخارجية بيانا حول علاقتنا بليبيا أو الجزائر وخصوصا أمريكا؟ ثم: عمي الراجل، ياخي أنت، بصفتك موظفا في الأمن، هل بقيت تنتظر "تشكيات" المواطنين في فايسبوك حتى تتصرف؟ لما أنت فالح، لماذا لم تقم بتطبيق القانون من تلقاء نفسك؟
هذا كله كوم، والفضيحة الحقيقية هي أن يذهب منتسب لمهنة الصحافة إلى ممثلي نقابة أمنية لمنحه ما ليس له بدل سؤال ممثلي الدولة، أعرف أن أغلب كبار موظفي الأمن يرفضون التصريح الصحفي، لكن هذا لا يبرر أخلاقيا اللجوء إلى ممثلي النقابات الأمنية وإعطائها شرعية إعلامية في ما يمنعه القانون والمنطق والأخلاق الحميدة.