ها هي الوزارة ترد على ما تم نشره وتداوله لكن فقط على شبكات التواصل الاجتماعي. أما قرارات المحكمة الإدارية بحجيتها فغير موجودة في عين الوزارة ولا تستحق توضيحا منها ومثلها الهياكل الممثلة للقضاة وموقفها الاخير فهما أيضا غير موجدين ولا يستحقان ردا وأضف إلى كل ذلك جميع تفاصيل الجدل القانوني الذي ثار حول قرارات المحكمة الادارية في وسائل الإعلام الرسمية. غير أن وزارتنا لا تتابع الا الفيسبوك.
أهم نقطة كان يجب توضيحها في بلاغ "الوي كاند " لأنها المحددة لمسؤولية الوزارة في كل ما يحدث هذه الايام لم توضح وهو تاريخ الإحالات التي قامت بها لملفات المعفيين على النيابة . وذلك ما يؤكد بنسبة كبيرة أن الإحالات تمت بعد صدور قرارات إيقاف التنفيذ. إن هذا الاسلوب في المغالطة معلوم في تقنيات التواصل التي لا تحترم أخلاقيات العملية الاتصالية في الإعلام والتبليغ بوضوح وصدقية وذلك من خلال تغييب الحقيقة وإذا ما حضرت كانت نصف حقيقة. غير أن أنصاف الحقائق في بلاغ الوزارة كثيرة.
فهذه نصف حقيقة أخرى نوردها هنا: ورد في بلاغ الوزارة انه يوجد 109 ملفا. لماذا ؟ كان ذلك طبعا لتضخيم مسألة التتبعات. غير أننا لا نعلم على وجه الدقة عدد الملفات التي أحيلت على التحقيق من جملة 109. يقع هنا الاكتفاء بذكر أن عددا هاما منها … كيف يمكن ترجمة ال "عدد الهام " بالارقام ؟… أحيل على التحقيق وهذا ما لا يليق بإعلام مؤسسي أراد إنارة الرأي العام بالأرقام لا بنسب غير محددة. فكيف لا تفصح الوزارة على العدد الهام وهي تعرفه؟
نحن هنا أمام احتمالين: إما أن العدد هام فعلا وكان لزاما تحديد عدد هذه الملفات وهي موجودة ومعلومة كما تذكر الوزارة، أو أنها غير موجودة بالقدر الذي تتحدث عنه الوزارة وذلك في انتظار أن تجعلها الوزارة هامة بفعل فاعل. وهو ما يطرح التساؤل حول دور النيابة في هذه العملية غير المسبوقة في القضاء. تُنزع هنا على قضاء النيابة العمومية سلطة ملاءمة التتبعات. لتتحكم فيها الوزارة بصورة مطلقة. أليس من المفروض هنا ان تنطق النيابة العمومية بكل هذه المعلومات والأفعال التي ترتكب باسمها؟
ركز البيان طبعا على سرد عناوين التهم الخطيرة لأن غاية ما يريده منه هو إحداث وقع اعلامي يغطي على التقصير والعجز على الإدلاء بالوقائع المثبتتة أمام المحكمة الإدارية والتنصل من التنفيذ.
هكذا يتم استغلال ولع البعض بلغة الفضائح وجرائم الأخلاق والشرف دون اطلاعهم على الحقائق: تدليس على تحرش على استعمال السلاح... أسلوب التأثير والتأليب وشحن كل طاقات العنف والشماتة. يدوس هذا الخطاب على حجية الأحكام والآثار المترتبة عليها ولا يجابهها ولا يجيب عليها ويلقي إلى المتعطشين للعقاب حتى دون سند وحجة ما تريده استدرارا لعطفها وطلبا لمساندتها في هذه الحرب الاعلامية.
وإمعانا في اسلوب التلبيس والتعمية... يذكر البلاغ أن الوزارة أعلمت مجلس القضاء المؤقت في 1 جوان 2022 بقائمة القضاة المعفيين موضوع التتبع ولا يذكر بوضوح انها أعلمته بتتبعات فردية انطلقت ضد كل واحد من القضاة المعفيين طبق ملفات محددة. وهذا نصف حقيقة آخر ردا على مجلس القضاء وتوريطا واتهاما له بالكذب بعد أن أكد للمحكمة الإدارية لما راسلته أن أغلب القضاة المعفيين لم تتعلق بهم تتبعات وليس هناك أحكام جزائية صادرة ضدهم…
مسك الختام أو ملحة الوداع في بيان الوزارة اعتراف الوزارة الصريح ولست ادري من نصحها بذلك اعترافها بانها انطلقت في تكوين الملفات بعد 1 جوان 2022 تحت غطاء الجرد لما تحوزت بمكاتب القضاة دون إذن ولا رقابة قضائية في أخطر عملية تحدث داخل المحاكم التونسية. فالبلاغ يشير إلى أنه تمت الإحالات على النيابة بناء على ما تم التوصل اليه خلال عمليات الجرد لتحميل المسؤوليات نعم حددت المسؤوليات خلال الجرد.
هل نستحق أكثر من هنا لتسقط سردية أن الملفات كانت مثبتة وجاهزة وممحصة بما لا يدع مجالا للشك في 1 جوان 2022.
أخيرا وببساطة نحن بأزاء نظام تسليط العقوبة أولا ثم تكوين وجمع الوقائع لا حقا. وهنا ظهرت الحقيقة كاملة في خضم انصاف الحقائق بأسلوب هواة الإعلام الوزاري من حيث تدري الوزارة او لا تدري.
ذاك بلاغ week-end أو لِنُسمّه بلاغ أنصاف الحقائق والمغالطة إمعانا في الفوضى. "ويأتيك بانصاف الحقائق من لم تُزوَّدِ."