أكثر نكتة أراها تعبر عن سبب الفشل في العالم العربي سمعتها في مصر عن شخص أراد رواية نضاله من أجل النجاح على الطريقة الأمريكية success story، عاد يقول: بدأت بتفاحة أعطتها لي أمي، بعتها في المدرسة واشتريت تفاحتين، بعتهما في اليوم الموالي واشتريت أربع تفاحات، ثم عشرا ثم صندوقا، لم أتم التعليم الإعدادي لأني أقضي وقتي من الفجر حتى آخر الليل في شراء صناديق التفاح وبيعها بالتفصيل،
تعلمت التدخين والمخدرات والخمر في الأوقات الصعبة في عالم التجارة الموازية، يحجز أعوان الدولة ربع البضاعة ويتلف بعضها الآخر، أحيانا أربح وأحيانا أخسر وكنت أتقدم بصعوبة وقضيت ليال في السجن بسبب الصراع مع بقية الباعة ومع أعوان الدولة، إلى أن تزوجت أختي مدير ديوان وزير التجارة، الذي منحني حق احتكار توريد التفاح لمؤسسات الدولة، ومن وقتها...
الحكمة: قصص النجاح في العالم العربي لا علاقة لها بالكفاءة أو الذكاء لأنها لا تأتي إلا من الزواج مع السلطة التي تحتكر صناعة الثروة، غير ذلك الحرقة: قصة النجاح الوحيدة المعروفة في برّ تونس مثلا: أن تحرق في مركب مثقوب، ترى الموت لأربعة أيام من التيه في البحر وتصل إلى إيطاليا ومنه إلى سويسرا مثلا، تشتغل في السر مثل البغل بكثير من الحرمان مقارنة بسكان البلاد، لكنك سوف تصور فلوس لا معنى لها هناك لكن حين تصرفها في تونس تكون ثروة وتشتري سيارة مرمية هناك في انتظار التحطيم لكنها تحتاج عشرين عاما من الادخار والحرمان في تونس،
وحين تعود في الصيف لابسا سروال برمودا ضيقا تحت خط مؤخرتك ومريولا لا يغطي كرشك الزرقاء المتقدمة بسبب التغذية السيئة، واضعا حقيبة صغيرة على صدرك فيها باسبورك وكواغط الإقامة والكثير من الفرنكات السويسرية أو الأورو لشراء الوجاهة تحت شعار "زيد سربيه يا مولا البار" وتضع موسيقى صاخبة لمجرمي الراب من عرب المهاجرين وأنت مروح سكران في الثانية ليلا، وأمهات الصبايا يتقاتلن للتقرب إليك، وقتها أنت في قلب قصة النجاح العصرية في تونس، أنت في قلب تخريب ما قامت به الدولة على مدى أجيال من التعليم، لكنك في قصة نجاح، بقي ما هو النجاح؟