المسؤولية السياسية أكثر فداحة أحيانا من الجريمة …
اصدرت محكمة التعقيب يوم 7 اكتوبر الجاري قرارا بقبول مطلب التعقيب شكلا وفي الأصل بالرفض وذلك بخصوص الطعن بالتعقيب الذي رفعته الوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف بتونس ضد قرار دائرة الاتهام القاضي بحفظ تهم "تضارب المصالح" في حق رئيس الحكومة الأسبق الياس الفخفاخ.
وتجدر الإشارة إلى أن قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي كان أحال إلياس الفخفاخ على أنظار دائرة الاتهام بحالة سراح من أجل تهم تعلقت بتضارب المصالح وتقديم معطيات مغلوطة لشركة تابعة له أو لأحد أقاربه "قرينه " وغيرها من التهم، إلا أن دائرة الاتهام نقضت قرار ختم البحث الصادر عن قاضي التحقيق وقررت حفظ التهم في حق الفخفاخ، لتتولى الوكالة تعقيب القرار الا أن محكمة التعقيب رفضت الطعن. وبناء على قرار محكمة التعقيب فان قرار حفظ التهم في حق رئيس الحكومة الأسبق أضحى قرارا باتّا غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن .
لا شك ان هذا الحكم يمثل انتصارا باهرا لإلياس الفخفاخ ولعله يمثل أيضا إدانة لمن اتهموه وقت توليه رئاسة الحكومة وكانوا سببا في رحيله . لن نتوقف هنا عند حكم القضاء فالمسؤولية الجنائية لا تعنينا هنا بقدر ما تعنيينا المسؤولية السياسية كما لن نتوقف عند أي توظيف لهذا الحكم لإدانة هذا او ذاك ممن ساهموا في استقالة الرجل أو اقالته من قبل قيس سعيد كما سنرى لاحقا . ما يعنينيا في هذا المقال الاسترجاعي هو محاولة فهم ما حدث وقتها ، مدي مسؤولية الفخفاخ نفسه في كل ما حدث من الناحية السياسية . لقد برأ القضاء ساحة الرجل نهائيا من كل ما نسب اليه من جرائم، ولكن هل تبرره السياسة من كل الأخطاء التي وقع فيها وكان البعض منها في نظرنا هو المسؤول عنها والبعض الأخر من مسؤولية نظام بأسره .. فالفخفاخ ليس عندنا ضحية ولا هو بريء تماما من نتائج تلك المرحلة . كيف ذلك ؟
توضيح منهجي
أولا من المفيد أولا ان نقدم توضيحا منهجيا يتعلق بصلة رئيس الجمهورية بالحكومة من حيث نيلها الثقة أو رحيلها. ان هذا التوضيح سيساعدنا في فهم المشكل الذي تردى فيه النظام السياسي في تونس منذ إعلان الدستور في 2014.
إنّ قرار رحيل الحكومة ليس بيد رئيس الجمهورية لأنّها ليست مسئولة أمامه ويعود قرار رحيلها إلى مجلس نواب الشعب لأنّها تستمد منه شرعيتها و لأنّها مسئولة أمامه طبق صريح الفصل 95 من الدستور و إذا لم يرض رئيس الجمهورية عن الحكومة ويريد رحيلها فيجوز له عملا بأحكام الفصل 99 من الدستور "أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها » فإذا استجاب المجلس لطلبه وصوّتت الأغلبية المطلقة لأعضائه ( 109) بعدم تجديد الثقة في الحكومة تعتبر مستقيلة وتبقى المبادرة بيد رئيس الجمهورية الذي له صلاحية تكليف " الشخصية الأقدر لتكوين حكومة جديدة.
لماذا إذن لم يلجأ لا الباجي قائد السبسي ولا قيس سعيد إلى الفصل 99 رغم كل الخلافات التي عرفاها مع الحكومات المتعاقبة منذ 2014 ؟
هذا الفصل هو احد أركان التوازن بين رأسي السلطة التنفيذية و أيضا بين السلطة التنفيذية والتشريعية فقد خوّل لرئيس الجمهورية "طلب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها مرّتين على الأكثر خلال كامل المدّة الرّئاسية" و اشترط التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب ونصّ في الفقرة الأخيرة على أن رئيس الجمهورية يعتبر (الفعل مبني للمجهول) مستقيلا إذا جدّد المجلس في المرّتين الثقة في الحكومة.
أثبتت التجربة القصيرة بعد الثورة أن رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي كان يخشى هذا الفصل ولم يلجأ إليه عندما أراد رحيل حكومة الحبيب الصيد او حكومة يوسف الشاهد وحذا قيس سعيد حذوه كما سنرى.
خشي الاثنان هذا الفصل و لجآ إلى المناورة السياسية خارج المجال الدستوري فلقد تعامل الباجي قائد السبسي خلال مدّته الرئاسية مع ثلاثة رؤساء حكومة هم :
– – مهدي جمعة الذي شغل هذا المنصب عملا بمخرجات الحوار الوطني خلال مدّة رئاسة المنصف المرزوقي للجمهورية و اثر الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014 وقدّم المهدي جمعة الي الباجي قائد السبسي استقالة الحكومة التي يرأسها والتي تحوّلت الى حكومة تصريف الاعمال الى حين مباشرة الحكومة الجديدة مهامها.
– – الحبيب الصيد الذي رشّحه لهذا المنصب حزب نداء تونس بوصفه الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التشريعية لسنة 2014 و بقي في هذا المنصب قرابة عام و نصف الى ان عبّر الرئيس الباجي قائد السبسي عن رغبته في رحيل الحكومة التي كان يرأسها . وصرح الحبيب الصيد حينها في حوار لقناة تلفزية خاصة أنّه دعي للاستقالة و تعرض للتهديد فلم يستجب لطلب الاستقالة واختار اضطراريا ان يطرح عملا بأحكام الفصل 98 من الدستور على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها وتفاعلت إيجابيا أغلبية النواب مع رغبة رئيس الجمهورية فلم يجدد المجلس الثقة في الحكومة فاعتبرت مستقيلة.
– – يوسف الشاهد الذي شغل هذا المنصب بصفته في نظر الرئيس الباجي قائد السبسي الشخصية الأقدر من اجل تكوين حكومة و نال ثقة البرلمان لكن غيّر رئيس الجمهورية موقفه منه و أراد رحيله و رحيل الحكومة التي يرأسها. غير ان حزب حركة النهضة رفض الاستجابة لرغبة رئيس الجمهورية وانشق يوسف الشاهد عن حزب نداء تونس و اسّس حزب "تحيا تونس" الذي انضمّ له النواب المساندون لرئيس الحكومة و كوّنوا مع النهضة ائتلافا حكوميا الى حين مباشرة الحكومة التي كان يرأسها إلياس الفخفاخ مهامها.
اتبع قيس سعيد استاذ القانون الدستوري خطى السبسي فهو أيضا طلب رحيل حكومة هشام المشيشي خارج المجال الدستوري وهو الذي كان اختاره وكلّفه اثر استقالة إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة الجديدة معتبرا إيّاه الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة بخلاف مقترحات جميع الأحزاب.
ولا شك ان سعيد كان مثل سابقه يناور سياسيا تاركا الدستور جانبا بخرق أحكامه وذلك بعدم إصدار اوامر في تسمية الوزراء الذين احرزوا يوم 26 جانفي 2021 على ثقة البرلمان في حكومة المشيشي وبعدم دعوتهم لأداء اليمين أمامه و يدخل المسجد خطيبا في خرق واضح لمدنية الدولة.
كان السبسي و سعيد يعلمان أن الدستور لا يخوّل لهما رحيل الحكومة بمجرّد قرار منهما و إنما لا بدّ لهما من طرق باب قصر باردو وكسب أصوات الاغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان وهي مغامرة سياسية لم يجرأ عليها السبسي والأكيد ان سعيد كان أكثر عجزا من سابقه على استعمالها . من هنا بدأ الانحراف الذي عرفه النظام الدستوري بعد 2014 .و تلك بعض من العلة في علاقة رئيس الجمهورية برئيس الحكومة . فما علاقة الياس الفخفاخ بهذا الانحراف ؟
أزمة حكومة أم نزعة رئاسوية مستفحلة ؟
كان الأمر في أكثر أزمات الحكومات التي عشناها خاصة بعد انتخابات 2014 لا يتعلق فقط بأزمة حكومة سواء مع قيس سعيد أو الباجي قائد السبسي( مشكلته مع الحبيب الصيد ثم مع يوسف الشاهد ) بل هو أكثر فداحة لأننا في نهاية الأمر أمام ظاهرة متكررة هي محاولة رئيس الجمهورية الاستيلاء على صلاحيات ليست صلاحياته فمما لا شك فيه ان منصب رئيس الجمهورية في ظل دستور الثورة كان محل سوء فهم من قبل من توليا منصب رئاسة الجمهورية بعد 2014 فلقد عشنا في تونس طويلا وعلى مدى أكثر من خمسين سنة عبر تحويرات دستورية على المقاس في ظلّ استبداد مؤسسة رئاسة الجمهورية التي كرّست بشكل مطلق النزعة الرئاسوية سواء مع بورقيبة الذي انتهى به المطاف الى رئاسة مدى الحياة أو مع بن علي الذي سار هو أيضا في نهج التأبيد لنفسه.
هكذا تأثرت العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة منذ الباجي قائد السبسي ومع تكليف إلياس الفخفاخ أيضا من قبل قيس سعيد من الغموض الحاصل في ذهن سعيد وحلفائه بين مشمولات كلٍّ منهما وصلاحياتهما فمن الغريب أننا وفي ظل نظام هو الأقرب إلى النظام البرلماني نجد أنفسنا أمام كل مساوئ النظام الرئاسوي فنحن امام محاولة سواء من السبسي او سعيد للتحرر من أية قيود سواء كانت دستورية او حزبية. ولا شك أن هذه النزعة الرئاسوية كان لها أنصار في المشهد السياسي عند تكليف الفخفاخ سنة 2020 و في مجلس نواب الشعب بالذات وهي نزعة اتضحت بأكثر وضوح منذ الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات 2019 وذلك عندما طالب نواب حركة الشعب بحكومة لا وجود لها في أحكام الدستور وهي التي اطلقوا عليها "حكومة الرئيس"…
وما يؤيد هذا الرأي هو أن قيس سعيد رفض منذ البداية أي حوار مع جميع الأحزاب من كانوا في صفه او من كانوا مختلفين معه فتعامل معهم بتعال ولم يقبل أي حوار يجمعه بهم في اختيار المكلف برئاسة الحكومة كانت الرئاسة صندوق بريد تضع فيها الأحزاب اقتراحاتها وكان قيس سعيد يتعمد إهانتها فيختار من لم تختره كما فعل مع المشيشي او لم تختره اغلب الأحزاب مثل الفخفاخ كما لم يبد أي تعاون مع أي حزب من اجل حل لأي ازمة طارئة بل كان يكيل الاتهامات للجميع منذ توليه السلطة و يريد بشكل عنيد فرض رأيه متبعا في اصرار سياسة الأمر الواقع . لم يكن احد يتوقع وقتها ان الرجل كان يريد ببساطة منذ البداية ( انطلى المخطط على الجميع وهو امر نجح فيه سعيد نجاحا باهرا ) . حكومة على معنى دستور 1959 لاسيما الفصل 51 منه فينهي مهامها كلها أو يقيل عضوا منها تلقائيا والفصل 49 ايضا فيوجه السياسة العامة للدولة و يضبط اختياراتها الاساسية و الفصل 58 فتسهر الحكومة على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق اختياراته و توجيهاته. فيعيدنا بشكل ما الى زمن "وثيقة قرطاج " التي ابتدعها السبسي فصارت السياسة العامة للحكومة تضبط تحت اشرافه في قصر قرطاج فيتحوّل رئيس الحكومة الى وزير أوّل يمتثل لما يمليه عليه رئيس الجمهورية في خرق واضح لأحكام دستور الجمهورية و لاسيّما الفصل 91 الذي ينص على ان رئيس الحكومة يضبط السياسة العامة للدولة …وهكذا يذهب الدستور هباء منثورا لنعود الى منطق البلاد المزرعة الموضوعة على ذمة سيادته يفعل فيها ما يشاء وكيف ما يشاء متخفيا وراء شعارات فضفاضة صارت مع الأيام كقبض الريح أو حصاد.
الهشيم ( هذا المشروع هو بالضبط ما حققه سعيد في دستوره لسنة 2022)
الفخفاخ جزء من الفخ الذي نصبه سعيد للجميع
مع الأسف ساهم الفخفاخ منذ خطابه الأول بعد تكليفه في هذا اللبس الدستوري الذي قاد البلاد إلى هلاكها . كان الفخفاخ اقل شخصية وقع عليها اختيار الأحزاب وكان لذلك بلا شك تأثير بيّن في سلوكه . فقد قال عند خطاب التكليف انه يستند في شرعيته إلى الانتخابات الرئاسية وحدها متبنيا بشكل شبه صريح منطق حزب حركة الشعب ( كان ذلك في نظرنا خطابا قاتلا ومساهمة في توطيد حكم قيس سعيد ومشاركة غير واعية وقتها في تسهيل انقلابه بعد ذلك( ولقد حذرنا من هذا التوجه حينها [1] . ومن منطلق « الولاء » لمن اختاره » كان تّمشّي الفخفاخ مبنيا على السّعي لردّ الجميل بعد اختلاط الأمور وتداخلها، من ذلك الاستئناس بنتائج الانتخابات الرّئاسيّة في دورها الثّاني بدل نتائج التّشريعيّة اي انعاش فترة الحملة الانتخابية واعادة احيائها رغم انتهائها بتنصيب رئيسا لكلّ التونسيين. لذلك يمكن القول انه كان في احيائها نزعة لإعادة البلاد إلى زمن ما قبل نتائج الاقتراع. وهنا اصطفّ إلياس الفخفاخ مع من أيّدوا وساندوا صعود سعيد رغم أنّه كان هو نفسه من بين من ترشّحوا ضدّه، ثمّ انطلق في تكوين حكومته فقط على ذلك الاساس [2] .كان الفخفاخ واقعا بالكلية في حبائل عقدة التّكليف الذاتي وكان مدينا بهذا التكليف لمن اختاره لا للمجلس الذي سيمنحه الثقة وأدّى، ذلك، مباشرة إلى خلط تسبب في تعميق كل الانحرافات الدستورية التي عرفتها البلاد منذ 2014 لوحظ منذ البداية نوع من التزلف من الفخفاخ في مناسبة وغير مناسبة لشخص قيس سعيد و كان الرجل يتردّد بصفة شبه يوميّة على قصر قرطاج ويصرّح باطلاع الرئيس بشكل مستمرّ على تقدّم مشاورات تكليف الحكومة مما أعطى انطباعا بان الحكومة تشكل في قصر قرطاج اكثر من تشكلها في القصبة او في دار الضيافة كان الجميع وقتها واقعين تحت تأثير مخدر قيس سعيد القوي الذي اتلف حتى العقول المتبصرة الهادئة ومخدوعين بشعارات النظافة والانتصار للثورة.
لم يستطع الياس الفخفاخ منذ البداية نحت صورة رئيس الحكومة القوي والفاعل والذي لا يدين للرئيس بشيء بعد تكليفه في نظام برلماني لأنه لا يستمد شرعيته منه ولا هو يملك مصيره بسحب الثقة منه ..كان محسوبا بالكلية على ساكن قرطاج فغذى بذلك كل المخاوف من هيمنة سعيد على سياسة الدولة عبر الياس الفخفاخ وخاصة مخاوف النهضة ..( يحتاج هذا الى تحليل موسع وهادئ).
ومن الغريب ان قيس سعيد الذي اختار الفخفاخ هو الذي ضربه في مقتل حين "أقاله" دون علمه في عملّية استباقية وانقلابيه كانت غايته الوحيدة منها هي قطع الطريق امام لائحة اللوم البرلمانية والمحافظة على سلطانه في اختيار المكلّف بتشكيل الحكومة وإملاء شروطه عليه.[3]
كان ذلك إمعانا في افساد النظام الدستوري . ولقد وضعنا كلمة "أقاله" ين ضفرين لان الفخفاخ بحسب التوضيح المنهجي الذي قدمناه في مطلع هذه الورقة لم يكن ملزما بقرار سعيد بإقالته ( فلا معني دستوريا لإقالة رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة بحسب دستور 2014؟).
ويبدو ان الفخفاخ قبل بهذا الحل خدمة لقيس سعيد و لإغراضه التي تتعلق بعودة اختيار مكلف جديد بتعيين الحكومة اليه بخلاف ما يقرره الدستور في حال سحبت الثقة من الفخفاخ ( قدمت وقتها الى المجلس لائحة لوم ضد حكومة الفخفاخ امضى عليها اكثر من مائة نائب ) فالمبادرة في هذه الحالة تعود إلى البرلمان ، او خدمة لنفسه في ظرف كان مهددا فيه بالسجن في حال ثبوت تهمة تضارب المصالح ضده .
لم تكن المسالة الدستورية تهم الفخفاخ لأنه لم يلتزم بمقررات الدستور منذ البداية كما ذكرنا فكان جزء ا من عبث دستوري كما كان ضحية لهذا العبث. كانت النتيجة ان استولى سعيد من جديد على سلطة التكليف لتحقيق نواياه في السيطرة تماما على الحكومة عبر اختيار شخص مغمور لا احد رشحه من الاحزاب البرلمانية او غيرها وهو المشيشي كان يراهن على ولائه، ولكن عندما عبرعن عصيانه حاربه بشتى الإشكال الى حين اسقاطه والشروع في المرحلة الثانية من مشروعه وهي السيطرة لا على الحكومة وحدها، بل على النظام بأسره سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية .
هل كان الفخفاخ بعلمه أو دون علمه جزءا من عبث دستوري قاد البلاد إلى ما قادها اليه اليوم من فوضى سياسية وتشريعية ؟ ..لا شك ان الرجل لم يكن مسئولا وحده عما حدث له ولغيره . فلقد ساهم الجميع كل بمعوله في خراب التجربة الدستورية الوليدة . ان الحديث عن الياس الفخفاخ وبراءته جنائيا من اجل اتهام هذا او ذاك مواصلة في نهج الجهل والتلبيس، ولكن الحديث عنه لا يعفي بقية الفاعلين السياسيين من المسؤولية في هذا الخراب . ضرب كل بمعوله في جسم وليد هش ضعيف إلى ان تهالك وسقطت أحجاره من طين على رؤوس عابثة تالفة لم يكن يعنيها في أكثر الأحيان عبر صراعاتها المعوية غير خدمة مصالحها وان صدعت رؤوسنا بمصلحة البلاد وخرافة الوطنية يستسهلونها في افواههم ويكذبها في كثير من الأحيان تهافتهم على السلطة وتوزيع غنائمها لكأن البلاد كانت جمعا عظيما من القطط الجائعة في فم كل واحد قطعة من لحم ينزوي في ناحية ليلتهما بعيدا عن شرها بقية القطط الساغبة.
الهوامش
1) )ما أشبه سعيّد بالسبسي ! : مرض التحوير الوزاري أم متلازمة المنزع الرئاسوي ؟ بقلم عبد السلام الككلي وعلي الجوابي اسطرلاب 25 جانفي 2021
2)) تمشي الفخفاخ …نحو تغييب السلطة التشريعية / بقلم المُحامي نزيه الصويعي الشارع المفاربي 30 جانفي 2020
3 ) ) "الياس الفخفاخ كان ضحيّة عملية استباقية هدفها الاخير انقلاب على الدستور" جوهر بن مبارك الزراع 10 اكتوبر 2022