حديث بمناسبة المعركة المذهبية الخطيرة بين انصار 25
بين سنوات 2013 و 2016 وحين كنت اكتب في الصراع الجيواستراتيجي في منطقتنا وكانت لي وجهة نظر اظنها تثبت يوما بعد يوم في المسألة السورية وفي المسألة اليمنية وفي ضرورة وعي الثورات العربية من اجل الديمقراطية بمؤامرات التقسيم المذهبي والطائفي وضرب الم ق ا و مة والتشويش على وحدة حركة التحرر الوطني العربية ..حينها لم يحصني انحيازي للثورة والانتقال الديمقراطي في بلدي و رفضي للانقلاب في مصر من تنطع بعض جهلة المنسوبين الى "الثورة التونسية" وقلة وعيهم بالتحديات المعقدة في المنطقة من تهم " التشيع " و " العمالة لايران " وظهرت صورة لي في صفحة مشبوهة مع عبدالرؤوف العيادي والصافي سعيد كممثلين لهذا " المد "
عدد من الاصدقاء الصدوقين كانوا لا يترددون مزحا وجدا في سؤالي عن هذه " القضية " كلما قابلوني وكنت أجيب بمزاح انني مرتاح لانتمائي السني ولم افكر اصلا في تغيير هذا الانتماء اصلا لأنني لا أشعر اني أحسن الالتزام بتعاليم هذا المذهب المرن والمعقلن في عباداتي ومسلكيتي اليومية فضلا عن التفكير في تغييره وكنت اقول اني بحكم اختصاصي الدراسي اشعر ان مذهبنا السني و اجتهادات ابي الحسن الاشعري تريح عقلي اكثر كلما فكرت في مغادرة ايماني الفلسفي البارد الى الايمان الديني الحار وانني حتى لو اردت التخلي عن كسلي في التقوى الروحانية نحو مزيد من التعفف والخلوة فلن اتجاوز اللجوء الى وجدانية اعتدال الجنيد السالك اما في المعاملات فلن اجد خيرا مما استقرت عليه افريقية من فقه مالك .
وفي خصوص " العمالة " للدول والنظم فلا أتصور انني ضحية مناسبة باعتبار ميلي الدائم الى البقاء خارج سلط القرار في بلدي وان من يكتب كثيرا ويتكلم كثيرا ويقول دائما بوضوح ما يفكر فيه يصعب ان يكون " عميلا" مريحا في " دومان الاختراق " الذي يحتاج كائنات صموتة و هادئة قادرة على ان " تسخن بلاصتها" في اي موقع تتحصل عليه وانا كائن اميل باستمرار الى تحيين الفكرة وتطويرها ولست ممن " يحسن الترهدين الفكري " لزوم " الشغل"
غير ان ما كنت احذر منه دائما اصدقائي من صانعي الراي والفكر وخصوصا من المنتصرين للثورة والانتقال الديمقراطي هو ان لا نسمح للجهلة وانصاف المتعلمين بأن يجرجرونا الى هذه المربعات الساذجة او المشبوهة في الجدل المذهبي والعقائدي والى التمسك ببرودة العقل في قراءة تعقيدات المشهد الجيو استراتيجي في المنطقة وكنت مصرا على ان امة العرب تحتاج الى رؤية عميقة ومتكاملة في صياغة مشروعها القادم بفضل ما ستتيحه ثورة الحرية والديمقراطية في المجال العربي لترتب علاقاتها مع الامم المجاورة لنا ممن يجمعنا معها تاريخ اشكالي من الفرس الى الاتراك وكل امم اسيا القريبة ولنعيد صياغة مشروعنا السيادي كأمة في مواجهة كيان مزق جغرافيتها واستعمار غريب عن المنطقة يتخذ باستمرار صيغا مختلفة .
هذا الحديث اذكر به وبإطناب وانا ارى شبه الشارع السياسي الرث الذي يقف الى جانب الانقلاب الشعبوي ويدخل الان في صراع اجنحته المليئة بأنصاف المتعلمين والبدون سيرة سياسية ليلقوا بنا فعلا هذه المرة وليس وهما في اتون الارتهان الى الاجندات الاجنبية وتقسيم الوحدة الوطنية لتتسرب منها محاولات الهيمنة الثقافية والعبث بالاستقرار العقائدي لبلادنا . ليس هناك عيب في استحضار كل المخاطر التي تهددنا بتحويل بلادنا الى مسرح للعبة الامم من ايران الى فرنسا او غيرهما دون حصر ولا خط احمر في التفكير وسوء الظن بالجميع . ولكن طرح مثل هذه الاسئلة يجب ان يكون بين النخب العالمة والعارفة وداخل مراكز صنع الافكار والقرار .اما ان تلقى كرات النار هذه بين ايدي العوام وجهلة الساحة السياسية التي امتلا بها المشهد فهو الخطر القاتل .