المصدر:
يعتمد هذا المقال على المعلومات والمعطيات المتوفرة في تقرير هيئات الرقابة الثلاثة (وثيقة 1) ، وهي هيئة الرقابة العامة للمالية وهيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية وهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية، وهي كلها هيئات وطنية تونسية.
خلاصة القول :
على امتداد الفترة 2008-2013، مجموع كميات النفط الخام الراجعة (أي المتوفرة) لصالح الدولة التونسية كان قد بلغ 120,4 مليون برميل، والكميات التي استعملتها الدولة في نفس الفترة بين تصدير وتكرير كانت تساوي 99,2 مليون برميل، مما يفيد أن ما لا يقل عن 21,2 مليون برميل تبخرت على امتداد الست سنوات المذكورة، وبمعدل أسعار تصدير النفط الخام التونسي في تلك الفترة فأن المبلغ المفقود يفوق مالا يقل عن ال- 1,72 مليار دولار أمريكي4,75 إلى يصل وقد مليار دولار.
بكل صدق الكلمات مثل "ما عدناش شفافية" أو "السرقة المنظمة" أو "المافيا النفطية" لم تعد كافيةً، وفي الحقيقة ما أراه هنا وبالاعتماد على الوثائق الرسمية للدولة التونسية يُعدّ "جريمة بشعة في حق الشعب التونسي وفي حق الوطن"، نعم أقولها وأعيدها جريمةٌ بأتم معنى الكلمة.
التحليل:
- مجموع كميات النفط الخام الراجعة لصالح الدولة على امتداد الفترة المذكورة، والمتأتية من الإنتاج الوطني، وبقطع النظر إذا كانت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية تشارك في امتيازات الاستغلال أم لا، كان 97,4 مليون برميل (2 + 3 وثيقة) . وهنا يجدر سوق الملاحظة التالية: لا اتحدث عن كميات الإنتاج الوطني للبلاد التونسية من النفط الخام في تلك الفترة والذي قدر ب-162 مليون برميل بل فقط عن الكميات الراجعة للدولة التونسية من جراء مشاركتها في امتيازات الإستغلال عبر المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أو الكميات الراجعة للدولة بعنوان الأتاوة أو بعنوان المساهمة في تزويد السوق المحلية إلخ.
- بما أن الدولة التونسية تورد النفط الخام، ونظراً إلى أن المعطيات الوحيدة المتوفرة لديّ هي الكميات التي تم توريدها من الشقيقة ليبيا، علماً بأن كميات النفط الليبي الموردة انخفضت نتيجة اندلاع الثورة الليبية إلى حد أنه لم يتم توريد ولو برميلا واحدا من ليبيا سنة 2011. وبناءً عليه التجأت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية إلى توريد النفط الخام لدى بلدان أخرى. بما أنني لا أملك المعطيات بخصوص الكميات المستوردة من المزودين الجدد اكتفيت في هذا التحليل بالاستناد على كميات النفط الخام الموردة من الشقيقة ليبيا فقط، والتي بلغت 23 مليون برميل أثناء الفترة الممتدة بين 2008 و2013 (4وثيقة)
وهنا أيضاً يجدر سوق الملاحظة المهمة التالية: في ضل تراجع الإنتاج الوطني من سنة إلى أخرى وفي نفس الوقت وفي ضل ارتقاع الإستهلاك فمن المفروض أن كميات النفط الخام المورردة ارتفعت.
ولتوقف التعامل مع المزود الليبي بداية من سنة 2011 بسبب الثورة الليبية وإلتجاء المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية إلى التوريد لدى بلدان أخرى (*وثيقة 4) ، ونظراً لعدم توفر الكميات الموردة من دول أخرى غير الشقيقة ليبيا، فمن الموضوعي والمنطقي والبديهي أن التوريد كان يفوق ال-8,8 مليون برميل كل سنة وهي معدلات النفط الخام الموردة من ليبيا سنة 2008 و2009. وبذلك ترتفع كميات النفط الخام الموردة على إمتدادالفترة الممتدة بين 2008 و2013 إلى ما لا يقل عن53 مليون برميل. لكن في هذا التحليل اعتمدت إلا الأرقام المصرح بها ألا وهي 23 مليون برميل.
أخذاً بعين الاعتبار هذين المعطيين فإن مجموع كميات النفط الخام المتوفرة لصالح الدولة على امتداد الفترة 2008-2013 لا تقل عن 120,4 مليون برميل. والسؤوال الذي يُطرح في هذا السياق هو : كيف يمكنك استغلال الكميات المتوفرة من النفط الخام؟ إما أن يتم تصديره خاماً، وإما أن يتم تكريره للحصول على المشتقات النفطية كالبنزين، والغزوال إلخ…
لذا لنتطرق إلى كيفية أستعمال الخام المتوفر لدى الدولة التونسية، ودائماً بالنسبة للفترة الممتدة بين 2008 و2013, ودائماً حسب تقرير هيئات الرقابة الثلاث التي قامت بالتدقيق في حسابات ووثائق المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وكذلك الشركة التونسية لصناعات التكرير:
- ففيما يخص النفط الخام المصدر فإن الكمية بلغت 41,2 مليون برميل (وثيقة 5) على إمتداد المدة 2008- 2013
- أما فيما يخص الكميات التي تم تكريرها فيجب أولاً أن نعرج على طاقة تكرير مصفاة البلاد التونسية الوحيدة وذلك منذ 1961 والتي لا تتعدى ال-34 ألف برميل يومياً، وإذا تم تشغيل المصفاة على مدار ال-365 أيام السنة فإن طاقة التكرير القصوى السنوية لمصفاة "الستير" بجرزونة (ولاية بنزرت) لا يمكنها أن تفوق 13 مليون برميل أو ما يعادل 1,78 مليون طن، ما يفيد منطقياً أن الكميات المكرّرة لا يمكنها أن تفوق ال- 78 مليون برميل أو 10,7 مليون طن من النفط الخام على مدى الست سنوات من 2008 إلى 2013، إذا افترضنا أن المصفاة تشتغل على مدار الساعة دون أي انقطاع ولو لدقيقة واحدة.
لكن ولتجنب أية تأويلاتٍ أو مغالطاتٍ أو اتهامات، وبالقيام بالأبحاث الضرورية اتّضح لنا أن عدد أيام استغلال وحدة التقطير لم يتجاوز ال-51 يوما سنة 2010 و 149 يوما سنة 2011, كما هو الشأن لعدد أيام استغلال وحدة التهذيب الحفزي والذي لم يتعدى ال-47 يوما سنة 2010، ولم يكن جاهزاً ولو ليومٍ واحد سنة 2011.
وبذلك تأكد أن الكميات من النفط الخام التي تم تكريرها من طرف مصفاة "الستير" بجرزونة أثناء المدة المتراوحة من سنة 2008 إلى سنة 2013 لم تتجاوز ال-58 مليون برميل أو ما يعادل 7,9 مليون طن (6وثيقة).
إذاً أوردنا البرهان بالوثائق الحكومية أن مجموع كميات النفط الخام المتوفرة لصالح الدولة على امتداد الفترة 2008 - 2013 كانت 120,4 مليون برميل في حين أن كميات النفط الخام التي اُستعملت من قِبَل الدولة التونسية ذاتها، وعلى امتداد نفس الفترة بين تصدير وتكرير من طرف شركة "الستير" بجرزونة، كانت 99,2 مليون برميل فقط (7وثيقة).
أين هي إذاً الكمية المتبقية والمتمثلة في 21,2 مليون برميل بما أنه لم يتم تصديرها ولا تكريرها حسب الوثائق الحكومية وبمعدل سعر بيع النفط الخام التونسي لتلك الفترة كان بالإمكان جني مبلغ يفوق ال- 1,72 مليار دولار أمريكي.
لكن وللأسف الأمر لن يتوقف عند هذا، بل يجب الرجوع إلى كميات النفط الخام الموردة حقاً، وإذا اعتمدنا عن المعطى أن التوريد كان يفوق ال-8,8 مليون برميل في السنة وهي معدلات النفط الخام الموردة من ليبيا سنة 2008 و2009، فسوف نجد أن الكميات الموردة للنفط الخام لا يمكنها أنا تقل عن 53 مليون برميل، وبذلك يتضح أن الكمية المفقودة على إمتداد الفترة من سنة 2008 إلى سنة 2013 لا تقل عن 51 مليون برميل، ما كان بالإمكان جني ما لا يقل عن 4,75 مليار دولار.
أين كمية النفط الخام المتمثلة في 21,2 مليون برميل على الأقل؟ وأين مداخيل هذه الكميات والمتمثلة في ما لا يقل عن 1,72 مليار دولار أمريكي في أسوأ الحالات؟
هل أصابني الجنون ؟ هل أنا من الطفيليين على الميدان ؟ هل أنا أحمق؟
قد أشك في نفسي وقد يشكك البعض فيّ؟ صدقوني لقد أمضيت أكثر من أسبوعٍ للتثبت وإعادة التثبت من الأرقام والمعطيات والوثائق الحكومية، وما أراه أمامي من أرقام لا غبار عليه، لذا أبرئ نفسي من الجنون، ومن الحمق، ومن التطفل، وأقولها بصوت صارخٍ وعينين مدمعتين "إنها جريمة ومن أبشع الجرائم في حق هذا الوطن يا مولاي".
أطالب المسؤولين والساهرين على قطاع الطاقة والمناجم التونسي أن يصارحوا الشعب التونسي بالحقائق وأن يوضحوا ما سر كميات النفط الخام المفقودة على امتداد الفترة من 2008 إلى 2013 والمتمثلة في ما لا يقل عن 21,2 مليون برميل والتي كان بالإمكان تصديرها وجني موارد مالية تفوق ال-1,72 مليار دولار أمريكي، وأتمنى أن لا أُجبَر على الاستماع إلى تبريرات من قبيل "النقص في الطريق والرواسب والشوائب" لتبرير الفوارق بين الكميات المنتجة والكميات المرسلة للنفط الخام والتي كانت دائماً في حدود 1 إلى 2% إلا أنها وصلت سنة 2010 إلى 5%, لكن هنا لا نتحدث على 5% بل أن كمية النفط الخام المفقودة (21,2 مليون برميل) تمثل أكثر من 17,5% من مجموع كميات النفط الخام المتوفرة لصالح الدولة على امتداد الفترة من 2008 إلى 2013.
أما إذا قيل أن الأرقام المطروحة هنا تحتوي على حصة المشغلين الخواص الأجانب فأكد مرةً أخرى انني لا اتطرق إلى كميات الإنتاج الوطني للبلاد التونسية من النفط الخام في تلك الفترة والذي قدر ب-162 مليون برميل بل فقط الى الكميات الراجعة للدولة التونسية جراء مشاركتها في امتيازات الإستغلال عبر المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أو الكميات الراجعة للدولة بعنوان الأتاوة أو بعنوان المساهمة في تزويد السوق المحلية إلخ.
لكن أتفهمكم عندما تقولون انكم فعلاً عاجزون، بما أنه ليس لكم إمكانية المراقبة والتثبت من الأرقام المقدمة من طرف المشغلين. في كل الحالات وبما أنه تأكد ووثق في تقرير هيئات الرقابة الثلاث وكذلك باعتراف السيد الرئيس المدير العام للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أن الشركات النفطية ترسل المعطيات (كميات الإنتاج) إلى الايتاب، وهي تطلب توضيحا من المشغل (أي الشركة) في حال انخفاض الإنتاج بأكثر من 5% من إنتاج اليوم السابق (وثيقة 8) ، ما يفيد عملياً أن أي مشغل يمكنه أن يخفض الإنتاج ب-4,99% يومياً دون أن تراسله المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ودون أن تطالبه بالتوضيحات اللازمة. وكل من هو إبن المجال يعي جيداً أن ابتكار سببٍ ما لتقليص الإنتاج لن يكون بالأمر المستعصي.
تأكدنا وبوثائق الدولة التونسية أن المبلغ المفقود في خصوص التعامل مع النفط الخام التونسي على إمتداد الفترة 2008 إلى 2013 يتراوح بين 1,72 مليار دولار و 4,75 مليار دولار وهو للأمانة يقترب أكثر من مبلغ ال-4,75 مليار دولار (9 وثيقة) لأن وبكل بساطة اعتمدنا في تحليلنا هذا على كميات النفط الخام الموردة من الشقيقة ليبيا فقط، والتي بلغت 23 مليون برميل أثناء الفترة الممتدة بين 2008 و2013، في حين أن الكمية الحقيقية الموردة تفوق هذا الرقم بكثير فهي لا يمكنها أن تقل عن 53 مليون برميل، وهي معادلات التوريد لسنة 2008 و 2009 بما أن الإنتاج الوطني تقلص من سنة إلى أخرى في ضل إرتفاع الإستهلاك في نفس الوقت.
وحتى بإعتماد مقاربةٍ أخرى تم نشرها على الصفحة بتاريخ 23 سبتمبر 2015 وتعتمد أيضاً على المعلومات المنشورة في تقرير هيئات الرقابة الثلاثة وأهتمت بالتناقض الصارخ بين مداخيل النفط الخام المصرح بها و مداخيل نفس النفط الخام حسب قائمة أهم الحرفاء، تكتشف أن مبلغاً يناهز ال- 3,25 مليار دولار مفقود. ففي حين أن الدولة التونسية تصرح بمداخيل تعادل ال- 775.768.490 دولار أمريكي لسنة 2008 مثلاً من جراء تصدير النفط الخام التونسي، تجد الدولة ذاتها تفيد أن أهم حريف لسنة 2008 وهو TOTSA(Total Oil Trading SA( يقتني كمية 3.688.458 برميل من النفط الخام التونسي بمبلغ 318.243.515 دولار أمريكي وتمثل هذه الأرقام نسبة 23,87%. ألا يعني هذا أن الكمية الإجمالية تعادل 15.452.275 برميل وأن المداخيل الجملية لسنة 2008 تعادل 1.333.236.343 دولار؟ للتأكد وبالعودة إلى الإنتاج الوطني من النفط الخام تجد أن البلاد التونسية أنتجت وصرحت بكميات تعادل ال- 31,7 مليون برميل لسنة 2008, وفي نفس الوقت تجد أن كميات النفط الخام التي تم تكريرها من طرف الستير في السنة ذاتها تعادل ال-12,95 مليون برميل وهي طاقة التقرير القصوى لمصفاة "الستير" بجرزونة، ما يؤكد أن كميةً تناهز ال- 18,7 مليون برميل متوفرة للتصدير سنة 2008.
بالقيام بنفس العملية لكل سنة على مدى الفترة 2008-2013, وبمقارنة كميات النفط الخام المصدرة ومداخيلها بالمعطيات الخاصة بأهم الحرفاء، وبعملية حسابية بسيطة تتوصل إلى أن المداخيل المصرح بها هي 3.796.712.246 دولار أمريكي (11وثيقة)، في حين أن المداخيل حسب قائمة أبرز الحرفاء: 7.051.104.745 دولار أمريكي (12 وثيقة) وذلك بإعتماد معدل سعر بيع الخام التونسي وثيقة) 10) ، ما يكشف فارقاً مريباً في المداخيل المالية يصل إلى 3.254.392.499 دولار على إمتداد الفترة 2008 -2013.
طبقاً لهذه الوثيقة (وثيقة 12) فأن مجموع كميات النفط الخام المسوقة تبلغ ال-78 مليون برميل وبذالك تفوق المداخل مبلغ السبعة (07) مليار دولار، في حين أن الأرقام المصرح بها هي 41,2 مليون برميل ومداخل تناهز مبلغ ال-3,8 مليار دولار (وثيقة 12*) على إمتداد الفطرة 2008 إلى 2013. يعني أن حسب هذه المقاربة الكمية المفقودة بلغت ال-36,8 مليون برميل والفارق في المداخيل يناهز ال-3,2 مليار دولار.
والسؤال المطروح أو أيضاً المبرر المعهود من طرف المسؤلين عن المجال هو "غير صحيح لأننا سوقنا موارد نفطية أخرى مع النفط الخام لهؤلاء الحرفاء". قد يكون لكن ماذا بألله عليكم ؟
- غاز طبيعي ؟ لا سيدي الكريم وذلك لسببين أولهما اننا نستهلك كل كميات الغاز الطبيعي المنتجة محلياً ونستورد ما يقارب ال-47% من الإستهلاك الوطني من الجزائر الشقيقة، أما ثانيهما وهو الأهم فإن الغاز الطبيعي لا يمكن تصديره تقنياً وذلك بعدم وجود المعدات التقنية اللازمة في تونس، وقد أكد أيضاً التقرير أن كامل الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي موجه إلى الإستهلاك المحلي.
- غاز النفط المسيل GPL؟ نعم، يخصص جزء من إنتاج غاز البترول المسيل للإستهلاك المحلي ويتم تصدير الكميات المتبقية. سيدي الكريم هنا أيضاً أود الإستشهاد بسببين يفيدان أن كميات غاز البترول المسيل لا تغطي الكمية المفقودة والمتمثلة في 36,8 مليون برميل، وأولهما أن إنتاج غاز النفط المسيل إنطلق سنة 2011 في حين أن الفوارق بين كميات الخام السرة بها والكميات حسب قائمة أهم الحرفاء كانت موجود سنة 2008 و2009 و2010، وثانيهما وهو الأهم هو أن كميات إنتاج غاز النفط المسيل الراجعة للدولة من إمتياز صدر بعل لسنة 2011-2013 كانت 208.117 طن ما يمثل 54% من مجموع الكميات (وثيقة 13). وبعملية حسابية بسيطة نتواصل إلى أن الكميات الراجعة للدولة من مادة غاز النفط المسيل بلغت 385.402 طن على إمتداد الفترة 2011 - 2013 أي ما يعادل 2,8 مليون برميل. حتى ولو افترقنا اننا نصدر تلك الكمية كاملةً فهي لا تغطي الكمية المفقودة والمتمثلة في 36,8 مليون برميل.
ما يمكنكم أن تكونوا سوقتم لهؤلاء الحرفاء عدى النفط الخام يا قوم ؟ لا أريد أن أجيب لأن المستوى سينزل حتماً.
حتى لا يختلط الحابل بالنابل تم الإعتماد في هذا التحليل على مقاربتين مختلفتين وتفيد الأولى أن المبلغ المفقود من جراء التعامل مع النفط الخام التونسي على إمتداد الفترة 2008 -2013 يتراوح بين 1,72 و 4،75 مليار دولار، في حين أن المقاربة الثانية كانت أكثر دقةٍ وأفادت أن المبلغ المفقود يعادل ال-3.254.392.499 دولار.
مهما كان السبب فاعتقادي راسخ أن هذه المعطيات تمثل فعلاً جريمةً في حق الشعب التونسي الذي استأمنكم على ثرواته الطبيعية. شخصياً اقتنعت أن هناك شيئاً ما وربما "خزينة سوداء" لنهب أو توظيف مداخيل النفط الخام التونسي لاشياء أخرى، في حين أن الدولة ومسؤوليها يتبجحون دوماً بدعم المحروقات وهم يعلمون وخاصةً بأسعار النفط المتداولة منة أكثر من سنة أن الشعب التونسي هو الذي يدعم الدولة وليس العكس.
الخاتمة:
أعلم أنّي كشفت العديد من الحقائق الشنيعة في المجال، وأعلم أنّي أَحرجت وسأُحرِج. وأُعلم الجميع أن التهديدات والمضايقات، والوعيد لن تتوصل إلى إخماد صوتي وتكميم فمي، كما أعي جيداً أنّي سأدفع الثمن باهظاً في يوم من الأيام وقد تصيبني سكتة قلبية –لا قدّر الله- أو ربما قد يعترض طريقي أحد المختلين عقلياً راكباً "فيسبا"… لكنّي مقتنع كامل الاقتناع بأن هذا البلد لن يصلح إلا بنضال أبنائه الوطنيين، وأن الطريق لا يزال شائكاً ومضنياً، وأن من لا يحبّ صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.
أحب الخير لبلدي، كل الخير، وأتمنى من منطلق مصلحة الوطن أن أكون مخطئاً في تحليلي هذا، وأنا مستعد لمد يد المساعدة بأفكار ومقترحات عملية للنهوض بالمجال، لكن صلب منظومة جدية وشفافة، ولا ولم ولن يكون همي المناصب الزائفة أين يتحتم عليك مجاراة الرياح والاندماج في منظومة الفساد والولاءات الشخصية ولا ولاء إلا للوطن بعد الله سبحانه وتعالى.
أعلم أيضاً أنكم ستسألون عن الحلول، وأقول لكم بكل صدقٍ وقناعةٍ : الحل الوحيد الذي أراه مناسبا هو ما ردده الكبير أبو القاسم الشابي:
إذا الشعــب يومــا أراد الحيــاة فلا بـــد أن يستجيب القــدر
ولا بـــد لليــــل أن ينجلـــي ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر…..
ومن لا يحب صعود الجبــال يعش أبــد الدهــر بيــن الحفــــر …..
أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلـــذّ ركــوب الخطــر
وألعن من لا يماشي الزمان ويقنع بالعيش ، عيش الحجــر …
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حُرّر في 28 سبتمبر 2015