يوم 14 جانفي 2011 توحّد التّونسيّون رغم خلافاتهم ... أرادوا فاستجاب لهم القدر ... أحدثوا ما يشبه أثر الفراشة الذي بلغت ارتداداته على امتداد العالم ... وصنعوا تاريخا جديدا لأمّتهم مكلّلا بالتعثّرات والمؤامرات والانتكاسات والفوضى والإرهاب والعنف والدّماء ... لكنّه تاريخ جديد وجهه إلى المستقبل ولن يلتفت إلى الوراء ...
دقّت الحريّة أبواب هذا الشّرق المغلّقة التي علا الصّدأ أقفالها ... من استنشقوا هواء الحريّة لن يرجعوا إلى زنازين الاستبداد من جديدا مهما كان حجم الإخفاقات والخيبات والإحباط …
الذين التقوا ذات 14 لم يكونوا على موعد مسبق لكنّهم تداعوا واستنفروا نصرة لصرخة 17 ... صرخة المحرومين من كرامة العيش ... فكانوا على موعد مع التّاريخ …
كم تمنّيت في ما بيني وبين نفسي في لحظات تهويم ذاتيّ أن ينجح 25 في الرّهان الاقتصادي الاجتماعي لتخفيف معاناة من وضعوا فيه ثقتهم رغم يقيني بخطأ المنهج والمنطلقات والوسائل والأهداف والمآلات ... لكن كما كان متوقّعا خابت الآمال وتضاعفت المعاناة وتواصل الإنكار والعناد والتعنّت والتّبرير وبثّ الفتنة بين أبناء الشّعب الواحد ...
انتهى 25 أخلاقيّا وعمليّا في معيش النّاس كما انتهى السّابع من قبله ... الفرق أنّ السّابع كان له بعض من العقل الذي مكّنه من إستدامة وجوده لأكثر من عقدين بينما سرعان ما انكشف عجز الخامس والعشرين وعقمه وسخفه وبريقه الخلّب ... ولم يبق لهذا الشّعب إلّا أن يواجه مصيره و يعبّر عن إرادته من جديد قبل أن تنقطع به السّبل وتضيق الخيارات …
ذكرى 14 هي يوم تجديد العهد والبراءة ممّن نقض العهد ... هي يوم الضّمير الحيّ والإرادة الوطنيّة الحرّة...