قيادات مركزية اتحاد الشغل تماما مثل عميد المحامين يدركون تماما ان صانع "مسار" 25 يغلق تماما كل منافذ "الحل التوافقي" الذي يمكن الانقلاب من نصف هزيمة و يمنح الديمقراطية نصف انتصار .
تصر القيادة النقابية والعمادة على هذا الخط "الثالث" الذي يدعي التموقع في " الوسط "وهو في الحقيقة وسط يميل -كما نراه بالعين المجردة- الى " انقاذ الامر الواقع الانقلابي" و " قطع الطريق " ( مرة اخرى يا عيني ) على الانتصار الناجز لمسار الانتقال الديمقراطي بفضل الاصرار الكفاحي للقوة الرئيسية للشارع الديمقراطي الذي قاده " مواطنون ضد الانقلاب " ثم " جبهة الخلاص " على امتداد سنة ونصف من الاصرار المبدئي والاخلاقي على الاستئناف الفعلي للانتقال على قاعدة الدستور والمؤسسات الشرعية المستهدفة بالدبابة .
يدرك الاتحاد كما العمادة وسائر طيف المجتمع المسمى مدنيا ممن باركوا ما أسموه " مسار 25 جويلية " ( التسمية المهذبة للانقلاب ) ان مواصلة الوقوف الى جانب السيد قيس سعيد امر لا جدوى منه مع رجل يريد " مريدين " لمشروعه لا "شركاء " بل يدركون ان مواصلة مساندة الرجل ستجعلهم اجلا او عاجلا في مرمى سياسته التفكيكية للمؤسسات الوسيطة بين " الحاكم الملهم " و " الشعب الذي يريد " .
لكن هذا الادراك المؤكد في قرارة انفسهم رغم المكابرة لا يمنعهم من الخشية ان كل اتجاه منهم نحو التسليم بالطبيعة الانقلابية لحدث 25 و الجنوح الى القبول بالحل الوطني على قاعدة الشرعية الدستورية التي كانوا من اهم رعاتها وصانعيها في الحوار الوطني 2013 ونالوا بفضلها جائزة نوبل سيجعل الشارع الديمقراطي المنتصر الرئيسي وسيكشف فداحة الموقع " غير الاخلاقي ديمقراطيا" الذي وقفوا فيه على امتداد العام الماضي ينتظرون الشراكة في الاجهاز على ثورة 14/17 واحد اهم مكاسبها دستور 27 جانفي 2014 .
الاصرار على اعتبار " النهضة " هي الرقم الاساسي في الصف المقاوم للانقلاب واعتبار كل هزيمة ناجزة لهذا الانقلاب انتصارا لل" اسلام السياسي " سيجعل " حزب المنظمات والمجتمع المدني " عنيدا ومرتبكا ومترددا في مغادرة هذه المنطقة الرمادية المسماة " خطا ثالثا " وسيجعل هذا"الحزب الكبير"( الذي يبني مواقفه دوما على منطق " ضدية النهضة ") عن قصد او بدونه محكوما بهواجس اطراف بعضها داخلي وبعضها خارجي لا تنكر المأزق الذي تعيشه البلاد تحت 25 ولكنها تداور وتناور لتجعل " الحل المنتظر " لا يصب في خانة الماسكين منذ عام ونصف بجمرة الدفاع عن الديمقراطية التونسية الوليدة .
تقديرنا ان طاولة حوار وطني لا تقصي احدا الا الانقلاب العنيد وتتفق فيه النخبة التونسية على رعايتها جماعيا بلا وصاية من اي طرف وبدون اشتراطات مسبقة يمكن ان تجد مخرجا لاغالب فيه ولا مغلوب وتكون فيه تسوية انتقالية نذهب بعدها الى حكم الشعب في صناديق الاقتراع فلا تشتكي الديمقراطية ودستور 2014 ولا يجوع المتربصون الازليون بأكلهما شرط ان يجعلوا رغبتهم في افتراسهما تتم بتفويض شعبي حقيقي في الانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة لأوانها .واذا حكم الشعب للديمقراطية في هذه الانتخابات قبل الجميع بالاستقرار تحت سقفها واذا صوت لرغبة الانقلاب عليها فليكن ...دون ذلك مناورات ومداورة لم تعد تنطلي على كل ذي عقل سليم ...الحكاية بسيطة .