هل أساء أحد لتونس و للتّونسيّين منذ الإستقلال أكثر ممّا أساءت إليهم الدّولة البورڤيبيّة و الدّولة البنفسجيّة (بن على)؟
دمّرت القيم بإسم التنوير و التّغريب و الإلتحاق بركب "الحضارة" و رسّخت ثقافة الحزب الواحد و الصّوت الواحد و الرّأي الواحد و اللّون الواحد و قسّمت النّاس إلى "وطنيّين" (المُطبّلين للحاكم بأمره) و "خونة" (كلّ من لم ينخرط في جوقة التّسبيح بحمد "سيدنا" الواحد!).
عندما تقوم هذه الدّولة بواجباتها تجاه المواطنين تستعمل ذلك لإذلالهم و لمزيد ركوب ظهورهم و وطأ رقابهم ": نحينالكم القمل، قرّيناكم، جبنالكم الماء و الضوء، أنقذناكم من الإسلاميّين المتوحشين، عبّدنا لكم الطرقات"....و كأنّهم فعلوا ذلك من أموالهم و أموال آباءهم و أجدادهم! ... و في المقابل الطّغمة الحاكمة، لأنّها "نحّات للناس القمل" تنهب و تتمعّش و تسرق بلا حسيب و بلا رقيب، بإسم الوطن و الوطنيّة و كلّ حسب قربه من مركز القرار !
جاءت الثّورة و قطعت رأس الأفعى و إعتقدنا بغباء أنّ أداة الحكم ستندثر بإندثار الرّأس فإذا بالجسم يختفي في الجحور لينتظر لحظة الإنقضاض و بسبب التّهاون و السّذاجة عادت نفس "الدّولة" برأس جديد و إنقضّت على الشّعب و لا همّ لها سوى الإنتقام من الجهات التي تجرّأت و ظنّت نفسها شريكًا في هذا الوطن!