لكل 14 جانفي طعمه. قبل الانقلاب وبعد الانقلاب أيضا، في 2022، كان بطعم العنف البوليسي وسقوط شهيد، في 2023 طعم آخر.
الأمن لا يستطيع أن يحول دون وصول المتظاهرين إلى شارع بورقيبة، هو في قرارته -كما أتصور- لا يريد أن يمنعهم من ممارسة حقهم في التظاهر. انتهى عصر التعليمات مثلما كانت عليه في العهد النوفمبري. وإعادتهم إليها تتطلب غسل دماغ لينسوا ما وقع بين 17 و14.
يبقى أن الأمر من قبل ومن بعد يتطلب إصرار أصحاب الحقوق على ممارستها. دعكم مما كتبه ستالين في محاولة إغلاق شارع بورقيبة، وما قاله لينين في كلامه إلى الصحافة. الجميل في المشهد أن مثلهما لا يريان المشهد كما هو أو يواجهانه بالإنكار.
في شارع بورقيبة، كل المعارضة، وإن كانت مختلفة، فقد اتفقت موضوعيا على الوقوف ضد الانقلاب. شعاراتها نفسها تقريبا حول هذا الأمر. كما أن مكوناتها اتفقت من حيث لم تتفق على رفع العلم التونسي وحده. وطبيعي أن لا يوجد المفسرون والتنسيقيون والأنصار من أحزاب الوطد والقوميين والتجمعيون.
بقي أن المشهد لا يتحكم فيه هؤلاء ولا أولئك طبعا، وإنما يخطئ من يتصور أن من يُعتقد أنه الحاكم بأمره هو المتحكم أو أن الأمر يتوقف عليه شخصيا، كلا، وإنما بأيدي الداعمين الحقيقيين الذين ليسوا من ذكرتُهم من المساكين، وإنما الداعمون الحقيقيون هم -مع الأسف له- من يتدخلون في اللحظة التي يحسّون أنها حاسمة. ومثل مظاهرة اليوم نص يُقرأ بكل جمله وتعابيره. ويدفعهم بالتأكيد إلى التدخل عندما تصبح الخسائر أكثر من الأرباح، ولا أرباح اليوم لهم.
يوم 14 جانفي 2011، بن علي هرب، فكان عيدا للتونسيين. قبله في 7 نوفمبر 87، كان عيدا أيضا ليس فرحا بوصول بن علي وإنما برحيل بورقيبة. يوم خرج الدكتور المرزوقي من قرطاج، لم يحتفل به أحد كعيد. ويوم مات قايد السبسي، لم يفرح أحد من التونسيين. واضح منذ الآن أن يوم رحيل قيس سعيد سيكون عيدا.